قام وفد بريطاني ديني صوفي، علمي سامي بزيارة إلى تونس بتاريخ 21 من تاريخ الشهر الجاري، وكان في استقباله الشيخ العلامة الصوفي الكبير الدكتور مازن الشريف مؤسس الطريقة الخضرية وصاحب العلوم العرفانية البرهانية، وقد وافانا فضيلة الشيخ الدكتور مازن الشريف أثناء مواكبته لزيارة الوفد بتعريف كامل عن فحوى الزيارة وهدفها وقدّم تفاصيل ومعلومات عبر كلمة ورسالة ووصيّة وجهها للجميع أعرب فيها عن شكره للمؤسسة الأمنية التونسية و للقائمين على أمن البلاد. وجاء في كلمة الدكتور باليوم الأول لاستقبال الوفد ومرافقته لزيارة مقامات الصالحين والأولياء وإلى أبرز المعالم الدينية الشهيرة في تونس، مايلي: « حياكم الله اليوم بعون الله نحن في استقبال وفد من بريطانيا، وهذا وفد عالٍ جدّاً وفيه علماء ومفاتِ وأئمة ودكاترة كبار، مسؤولين كبار في المملكة المتحدة وإن شاء الله اليوم ستكون لنا ندوة من الندوات الفكرية حول أهل السنة وكيف يُجمَع شملهم وكذلك التصوّف الإسلامي اليوم وكيف يجمع وستكون باللغتين الانكليزية والعربيّة وبعدها مجلسُ ذكرٍ إن شاء الله. أحيي كلّ الذين يتابعوننا وكذلك التحية للمؤسسة الأمنية التونسية وجميع القائمين على هذه البلاد وأمنها وأحيي أيضاً المشائخ والعلماء في تونس، وجّهنا دعوةً لبعضهم للقاء هؤلاء السّادة العلماء الذين يزورون تونس لأول مرة وهي سياحةٌ للبلاد، نزور القيروان، واليوم سنزور مدينة الجمّ الجميلة وسنزور كذلك المنستير ولدينا لقاء مع الشيخ محمد شتيوي غداً ومع عدد من المشائخ. أنا فخور جداً باستقبالهم معي، هنا بعض السادة العلماء الشيخ رئيس معهد الكريميّة " غلام جيلاني" وترجم القرآن الكريم إلى اللغة الانكليزية ترجمةً بديعةً وهو أشهر كتاب نشر ترجمة في بريطانية وكرّمته الملكة البريطانية الراحلة ويعمل عمل كبير جداً، وكذلك العلّامة وشيخنا في القادريّة وبقيّة الفريق قرابة العشرين، لدينا مستشار رئيس حكومة اسكوتلندا، لدينا رئيس أئمة المساجد ودائرة السجون في بريطانية، وتحية للدكتور حافظ الأزهري، ومن جميع أنحاء بريطانيا قدم هؤلاء السادة كلهم علماء كبار كلهم أساتذة كبار، شيخ النقشبندية الجشتية، ونحن نجتمع معاً بمحبّة الله ورسوله يزورون تونس بلاد الصحابة، بلاد الخير، بلاد الزيتونة، "الشيخ" كان يتكلم عن الزيتون حيثما أشحت بوجهك في بلادنا وبرعاية طيبة من شركة المرسيدس التي أدخلنا إلى نهجنا في زيارة الصالحين. وللحقيقة هذه الزيارة شرّفتني كثيراً، أن يأتي هؤلاء السادة أكبر منّي سنّاً وعلماً ومقاماً ويأخذون عنا شيئاً مما نعرفه ونأخذ منهم كثيراً مما يعرفونه ونتبادل المعرفة ونتناقش فيما ينفع الأمة دون غرور دون أي مزاحمة نفسية. وهذه الوصيّة للمشائخ وبعضهم في بلادي تقطر قلوبهم حسداً ولذلك أقول إنّ الشيخ الرباني الحقيقي هو الذي يستطيع أن ينير القلوب وأن يقترب وأن يعلّم وأن يستطيع أن يرسم الطريق للشباب نحو معرفة الله سبحانه وتعالى نحو تعميق هذه المعرفة ولا خير في أي طريق مالم يكن موصل إلى الله سبحانه وتعالى ولم يكن هذا الطريق أيضاً عامراً بالتواضع وعامراً بنفس زكية سخيّة. أنا الحقيقة لي موقف من كل شيخ يلبس جبّة نظيفة على نفس متّسخة، يلبس جبّة نظيفة جدّاً ويعتني بملابسه وقلبه متّسخ ملوث ونفسه فاسدة حاسدة كاسدة لذلك هذه الرسالة لهؤلاء، إن كان نبي في قومه هؤلاء أتوا برسالة واضحة أنّ نهجنا نهجاً حقيقياً أنّ طريقتنا وطريقنا طريق ناجح، نعم أنا أتزيّن بهذا الزّي، الزّي ماهو إلا شيء نتواصل به مع العالم ولكن القلب والعلم هما السّر، المشيخة ليست شكلاً فقط، الشكل يدخل في إطار معيّن ولكنها سر ونور وبركة وعلم، هؤلاء يأتون بهؤلاء المقامات العالية ليثبتوا لكل مشكّك ولكل مرتابٍ لكلّ حاسدٍ لكلّ راصدٍ أياً كان موضعه وموقعه ويحارب هذا النهج أنّنا على حقّ، نحن أوفياء لبلادنا، نحن نقوم بهذا حبّاً في بلادنا، نخدم بذلك هذه البلاد على توافق مع حاكمها دون رياء أو نفاق ولا خوف وعلى توافق مع كل شيخ ربّاني يعمل في خدمة الله ورسوله. في خدمة الله ورسوله على نهج إظهار وإبهار وإشهار هذه البلاد العظيمة المظلومة التي يجب أن تسطع شمسها كما فعل سابقون من الزيتونة، كما فعل سيدي علي بن زياد وابن أبي زيد القيرواني والإمام المازري وابن عرفة الورغمي وسيدي ابراهيم الرياحي، هم رجال ونحن رجال، كلٌّ يعمّر زمنه، بكل زمن رجال يخدمونه فلذلك الحمدلله على هذا اللقاء والحمدلله على أن جمع معنا هؤلاء الثلّة والسادة وإن كان ينأى ويلوي عنّا أعناقهم قوم قريبون منّا مكاناً فيأتي الله برجال هم بعيدو مكان وقريبو مكانة حتى يُظهر الله بفضله ومنِّه ماجاد به على عبده وما جمع به قلوب المحبّين لله ورسوله. هذه مقدّمة علميّة معرفيّة، رسالة أوجهها للجميع، نحن ليس لدينا شيء نخفيه، لا نعمل تحت الطاولة، لسنا نخرّب، لا ننشر المخدرات، لا ننشر الإرهاب والتطرّف، لا ننافق ولا نمارس تقيّة، هؤلاء شيوخ صوفيّة مصلحون في الأرض، تشعّ شموسهم، المشائخ هنا،يؤثرون في أوربا كلها، لديهم تلاميذ في كامل أوربا، وهذه يدي ممدودة إلى كلّ شيخ من أبناء هذه الأمة، تعالوا نجمع صفّنا، شبابنا يواجه اليوم الإلحاد والشذوذ والفساد، يواجه مخاطر جمّة وحقيقية وخطيرة، لا عذر لنا في النوم والتكاسل والتناحر والخصومة والرعونة، وعندما نجد شيخ عمره سبعين سنة وأمضى خمسين سنة في التزكية للناس ولم يزكّي نفسه أنا أأسف له وآسف عليه، عليك أن تبدأ بنفسك اولاً، كما أقول لكم دائماً درّب جسمك، هذّبْ نفسك، طهّر قلبك واصقل عقلك وحرّر روحك، وها أنا نموذج لذلك الحمدلله ماطلبت أمراً إلا سارعت إلى إتمامه وعملت عليه، " كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون " ونحن لا نقول ولا نفعل بل نفعل فوق مانقول، فحيّ هلا على الجميع. اهلاً وسهلاً بمن يحبنا، أهلاً وسهلاً بمن يكرهنا ويشتمنا، هذا برهاننا فاتوا ببرهانكم، قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. وإن كان لديك مدد، وإن كان لديك علم اخرج من الشتم والكلام الفارغ وارنا ماعندك، حاول أن تستجلب ولو قطّاَ من بريطانيا أو من أي مكان، نملة حتى تسمعني، أنت لن تستطيع أن تستجلب حتى نفسك، نحن حين يأتي إلينا هؤلاء الناس مَن الذي أتى بهم؟ الله سبحانه وتعالى! لماذا أتوا؟ لمحبة الله ورسوله! هل يحتاجوني في شيء من شؤون الدنيا؟ لا يحتاجوني بشيء، لديهم من التلاميذ ومن العلم مايكفي ويفيض على غيرهم، هذا الرجل الصالح ترجم القرآن الكريم كله، تعرف معنى ترجمة كتاب الله كاملاً وأن ينتشر؟ أي عندما تلتقي هنا وعندما نلتقي في تونس هذا شرف وتشريف لبلادنا، عندما ينتشر العهر والفساد والإفساد والإلحاد والتطرّف والقتل والجرائم ولا نقف لذلك ولكن على الصعيد الآخر البعض يتضايق من حضور العلماء ومن حضور الأذكياء والأولياء والأصفياء، أنا أقول لهم: أنا وارث أولياء تونس ووارث علماء زيتونتها بحمد الله ورثته عن أبي عن أبيه إلى رسول الله، هذا طريقنا، علم ودعوة ومحبة وتميّز وأدب ورياضة ومعارف وصمود وشموخ وشجاعة وسؤدد، بحمد الله هذا دربنا إلى ربنا، جزاكم الله خيراً، إذاً هذه الرسالة تكون واضحة للجميع إن شاء الله، ليس عندنا مانخفيه، نحن بعون الله سوف نمضي إلى مدينة الجمّ وبعون الله سنرى شيئاً من آثار هذه المدينة الرائعة وسنجلس بذكر الله محبّين وألف أهلاً بكم سيدي ساداتي الكرام، نرحب بكم بيننا فلتصل الرسالة إلى مستحقّيها وإن شاء الله مزيداً من الألق والتميّز.» هذا وقد زار الوفد برفقة الدكتور مقام سيدي بوهلال ومقام سيدي عمر عبادة وقصر الجم بمدينة الجم، وأُقيم مجلس مبارك في زاوية سيدي بو هلال، وكذلك زار الوفد القيروان والمسجد الكبير فيها، ومدينة المونستير الجميلة والتي سنخصص لزيارتها تفصيلاً شاملاً لاحقاً عن الزيارة ومقامات الأولياء الصالحين فيها. هذا ويستمر الوفد زياراته خلال العشرة الأيام المخصصة للزيارة وسنوافيكم بإذن الله بمجريات أكثر قادمة.