حديث صدق من قلب صدوق.
عن الإمام عليه السلام، في ذكرى مولده.
كلام لأهل الإيمان والإحسان، وحجة من فصيح البيان.
🌸🌸🌸
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لن يجد الظالمون من دونه ولياً،
الذي اصطفى محمدا ًواجتبى عليا،
وجعل لآل محمد نوراً جلياً،
ورفعهم مكاناً علياً.
🫒🫒🫒
والصلاة والسلام على نبي الله،
حبيب الله، رسول الله،
سيدنا محمد ابن عبد الله،
وعلى آل بيته سر نوره، وقُرْبِ نجواه،
وعلى من قال عنه من كنت مولاه فهذا علي مولاه،
اللهم والي من والاه وعادي من عاداه،
صلي اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد،
كما تحب وكما يحب وكما يحبون حتى ترضى ويرضى ويرْضون،
وننال بذلك منك نظرة الرضى يا رب العالمين .
🫒🫒🫒
أحبابنا في الله،
أحباب رسول الله،
عشّاق آل بيت النبي،
عشّاق الإمام علي،
أحباب التقي الولي،
السلام عليكم وحمة الله وبركاته :
{ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }
🫒🫒🫒
إننا في يوم مبارك من أيام الله،
يوم نستذكر فيه ذكرى عطرة طيبة،
لها القلوب العاشقة تنظر بلهفة وعشق ومحبه،
ذكرى مولد الإمام علي عليه السلام،
وليد الكعبة وشهيد المحراب،
الذي صلى القبلتين ولم يعبد الصنمين،
ابن القمرين، والد النيّرين،
الذي كان لرسول الله قرة عين،
بطل بدر وخيبرة وحُنين،
والد الحسن ووالد الحسين،
سيدنا الامام علي،
ويطيب لي في هذه الذكرى العطرة أن أنشد مما أنشد القلب البارحة :
🌸🌸
هَذَا عَلَيُّ وَهَذَا السَّيْفُ وَالْقَلَمُ
فَسْأَلْ هُدَاكَ وَدَعْ فِي الْقَوْلِ مَنْ ظَلَمُوا
مَوْلَى الْإِبَاءِ أَخٌا لِلصَبَرِ صَاحِبَهُ
مَا صَدَّهُ الْكُفْرُ لَا قَدْ رَدَّهُ الْأَلَم
فِي كُلِّمَ مَكْرُمَةٍ لِلْفَخْرِ يَقْصِدُهَا
وَالْأَرْضُ شَاهِدَةٌ وَ الْحَرْبُ وَ السَلَمُ
مَنْ لِلنَّبِيِّ أَخٌ هَارُونُ بِعْثَتِهِ
فَهْوَ الْإِمَامُ وَ طَه َالسَّيِّدُ الْعَلَمُ
🌸🌸
عليه من الله أزكى السلام،
ويطيب في حضرته الكلام،
وإننا على طيّب القول عنه وعلى طِيبِ المدد منه،
وعلى نور وخير العناية الالهية التي تحل على كل قلب يُحبُّه،
وعلى كل قلب يعشق ذلك السر وذلك الجمال،
وتلك الشخصية العظيمة التي حيَّت المشارق والمغارب،
فارساً وشاعراً وإماما ًوحكيماً وقائِدا ووليًّا ووصيا وصفيا،
بل إننا نقول لو أن رسول الله قد عبَّر عن هذا المعنى،
اذ قال أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي،
أي أن للإمام عليا مقامٌ عظيم،
لولا أن الله سبحانه وتعالى اجتبى واصطفى سيدنا رسول الله ليكون خاتم النبيين والمرسلين،
فإن للإمام مقاماً قريبا من رسول الله حتى ناداه انت مني بمنزلة هارون من موسى،
وحتى قدَّمه بما قدَّمه به الله إذ قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه،
يعني بذلك الإمامة المطلقة التي كانت لرسول الله يأخذها عنه الامام علي،
وصيَّة جلية واضحة ليست من هوى نفس رسول الله،
ولا ميلا منه إلى ابن عمه وإلى صهره وإلى أخيه وإلى تلميذه،
والذي ولد بالكعبة ورُبِّيَ عند رسول الله وتَرَبَّى في حُضنه ونشأ بين يديه،
إنما حُّبًّا من الله وأمرا من الله وتفويضا من الله،
وهذه الشخصية العظيمة التي حيَّرتْ العقول إنما هي تجلي جبروتي وجلالي وجمالي لنور سيدنا الرسول .
🫒🫒🫒
إن سيدنا علي أحقُّ الناس بصحبة الرسول،
وكما قال حفيده جعفر الصادق لو لم يَخْلَقْ الله عليا ما كان من عدل للبتول،
إن الإمام علي هذا الذي كان أشجع الفرسان،
وأَفْرَسَ العرب وأشرف من حمل السيف،
لأن رسول الله لم يُؤْذن له بِحَرْبٍ بيده،
لأنه في مقام التبليغ،
ولكن الله اعطى ذلك السيف وجلَّى قوة سيدنا محمد في سيدنا علي،
جلَّى هذه القوة الهاشمية الربَّانية،
جلَّى أنوار المصطفى الجلاليه في سيدنا الإمام علي،
وجلَّى فيه مرايا ذات سيدنا رسول الله،
كما جلَّى من ذلك في سيدتنا فاطمة الزهراء حتى قال لها شبهتي خَلْقِي وَخُلُقِي،
وجلَّى ما جلَّى من ذلك في الإمام الحسن،
وفي الإمام الحسين،
وفي عليٍّ الأكبر،
حتى قال عنه الإمام الحسين وهو يُقْتَلْ،
اللهم إنهم قتلوا أشبه الناس بنبيك،
وجلَّى ما جلَّى في سيدنا جعفر،
حتى قال عنه أيضا شابهت خَلْقِي وَخُلُقِي يا جعفر،
هذه العترة الطيبة الطاهرة،
التي لا يستقيم إيمان مؤمن ولا يشهد له بخلاص الإيمان وإخلاص القلب وإخْباته ما لم يكن له محبا،
ومن لم يركب سفينتهم فهو هالك لا محالة بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ قال : مَثَلُ آل بيتي فيكم كسفينة نوح،مثل آل بيتي فيكم كباب حِطَّه،
آل بيتي سفينة النجاة من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك،
ألا وإني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعثرتي آل بيتي،
ألا وإنهم لن يفترقوا مع القرآن حتى يريدا عليّ الحوض،
لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ولا تنافسوهم فتهلكوا،إلى غير ذلك من الوصايا الربانية النبوية المصطفوية التي نصت على عظيم هذه المنزلة،أنا مدينة العلم وعليّ بابها،
عليّ مني وأنا منه،
لا يؤدي عني إلا أنا أو علي،
إن الله جعل نسل كل نبي من صلبه وجعل نسلي من صلب عليّ،
النظر لوجه عليّ إيمان،
عليّ قسيم الدنيا والآخرة،وقوله صلى الله عليه وسلم : ضَرْبَتُ عليّ يوم الخندق بعمل أمتي يوم القيامة،ضَرْبَتُ عليّ يوم الخندق بعمل الثقلين يوم القيامة،
إن الناظر بإنصاف لمظلمة الإمام عليّ وقضيته،
والمحقّق الحصيف الدّرِب الذكي الذي يقرأ بين صفحات التاريخ والأحداث ويَسْتَقْرأُهَا و يَسْتَنْطِقُهَا يَسْتَنْبِطُ منها ويَسْتَجْلِي خبياها و يَصْبِر أغوارها ويغوص في خفيّها وجليّها ومتنها وسندها،
يجد جليا أن هذه الأمة محرومة مظلومة،
لأن هنالك من حجب عنها أو حاول أن يحجب عنها هذه الأنوار،
أنوار عليّ وفاطمة والحسنين وذريتهما،
لأن هذه الأنوار سبب إلى رسول الله وإلى ربه،
إنها الوسائل التي فرضها الله،
إنها المنزلة التي لا يزاحمون عليها،
هؤلاء آل بيتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،
قال ذلك عند نزول الأية يريد الله ليُذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا،
فوضع تحت الكساء عليا وفاطمة والحسنين،
وكذلك في المباهله،
تشير كل التفاسير عن قوله سبحانه وتعالى وأنفسنا وأنفسكم أن المعني بنفس النبي الإمام عليّ.
🫒🫒🫒
إننا في هذه الحضرة المباركة والساعة الطيبة المباركة،
نريد أن ننطق ببيان حق يسمعه أهل الحق لا نخشى في ذلك لومة لائم،
وإنما نتقرب إلى الله بهذا،
و نقول من باب الإنتساب إلى هذا الدين،
والإيمان بنبي الهدى واليقين،
من باب التصديق ومن باب الإيقان،
ومن باب محبة رسول الله وطاعة أمره،
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول،
ومن باب الدّب عن الذين أمر رسول الله أن نحبهم،
أذكركم الله في أهل بيتي،
الله الله في أهل بيتي،
وكان إلى آخر أيامه الشريفة يُذَكِّر بذلك،
ومن باب انتسابنا لمدرستهم ومحبتهم،
ومن باب نسبنا إليهم دما و محبة وسرًّا وصلاً وأصلاً وفصلاً،
من جميع هذه الأبواب ومن غيرها لا يمكن لأيّ حال من الأحوال أن نُخَاتِل أو نُداهن في إمامنا أو في إيماننا أو ديننا،
أو أن نُداهن فيما اكتشفناه من حقائق التاريخ،
وفيما أوقفنا تحت المحمدية البيضاء التي جاوزنا بها الانتماء المذهبي،
نحاور بذلك كل عقل فطن وكل قلب محب،
ونخاطب بذلك كل ذي لب وكل من يفهم في المنطق ومن يفهم لسان العرب،
لا نريد من وراء ذلك شرذمة مذهبيه،
ولا تفتيتا ولا تقسيما،
ولا نريد من وراء ذلك أن نزرع فتنة أو نُأجج حربا كما سيدعي المدعون،
إنما هو الحق والإحقاق والتحقيق والتحقّق وكلام حق حقيقٌ علينا أن نقوله،
ويحق لنا ويجب علينا وهو حق للإمام علي ولرسول الله قبل ذلك علينا،
ولن يكون البيان مفصّلا،
حيث أنه هنالك قضايا في تلك المرحلة وما كان بعد وفاة رسول الله لا يمكن أن يَفْصِلَ فيها الفصل الكامل إلا الله سبحانه وتعالى في يومين،
يوم يظهر قائم آل البيت حتى يأخذ حقهم ويفصل في كل قضية ومسألة،
و نرجوا من الله أن يكون ذلك قريب،
ويوم يبعث الناس إليه،
والله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون،
ولكن تمت أمور وجب فهمها وإدراكها .
🫒🫒🫒
أولا، إذا قلنا أننا نحب ونوالي الإمام علي فلا يشترط هذا انتماء مذهبيا،
لا يعني حب الإمام علي أن الذي ينطق بذلك ويلفظ به إن كان سُنّيا خرج من مذهب السُّنة أن يلزمه أن يترك المدرسة الي نشأ عليها،
سواء المذاهب السُّنية المعروفة أو المذاهب الشيعية التي ظهرت عبر التاريخ من المحن ومن الآلام ومن الاضطهادات الكثيرة،
هذه التواريخ التي لا يتحمل السُّني العاميُّ مثلاً وِزرها،
والتي من الظلم والحيف بل من الحُمق والغباء أن يحاول بعض ادعياء التشيع للإمام علي،
أن يزجوا عامة المسلمين في معارك التاريخ وأن يجبروهم على أخذ مواقف لا يقدرون عليها،
وعلى الفصل في أمور ليس لهم أن يفصلوا فيها،
أو أن يدعوا أن كل ناطق بحب الإمام علي ما لم يتمذهب لمذهبهم إنما هو مُدعيٍ للمحبة،
وهذا ظلم ٌوجورٌ وغرورٌ كبير،
لأن محبي الإمام علي مسيحيون كتبوا عنن ما لم يكتبه المسلمون،
اقرأوا عن هؤلاء الذين كتبوا روائع القصائد في حب الإمام علي،
وكانوا من اتباع السيد المسيح أو من أبناء الديانة المسيحية،
خاصة مسيحي المشرق،
فهل نردهم أم نصدهم أم إننا نشر المحبة ونريد من يحب،
وهل هناك من هو مفوض من الإمام علي لينطق مكانه،
إنه من الظلم ومن الحيف بمكان أن يظن ظان أن محبة الإمام علي هي التزام مذهبي فقط أو أن يظن أن أهل السُّنة قاموا على بُغض الإمام علي،
لأن المدقق المحقق في كلام الإمام الشافعي على سبيل المثال وكذلك غيره من أقطاب هذه الأمة سيجد محبة كبيرة عظيمة،
خاصة أقطاب التصوف الذين كانوا في معظمهم إن لم يكونوا أجمعين من ذرية الإمام علي فإن لم يكونوا فهم موالون له،
معروف الكرخي تربى عند الإمام الكاظم،
والحسن البصري هو تلميذ الإمام علي،
والشيخ عبد القادر حسني حسيني،
وكذلك اعلامنا في بلاد أفريقيا خاصة سيدي ابراهيم الرياحي الذي قال :
إلهي قد سألتك بالنّبيِّ
وفرعِ الطّهر بالحسن الوليِّ
🌸🌸
بمولانا الحسين ومن قد أضحى
شهيدا من يد الشمر الشقيِّ
ويعدد الأئمة إلى الإمام المهدي،
ثم يقول في آخر قصيدته التي توجد في كتاب تعطير النواحي بمناقب ابراهيم الرياحي،
وكتاب سيدي ابراهيم الرياحي للكاتب أحد الشريف،
يقول في ختامها :
🌸أدم لي حب آل البيت حتى أموت عليه بالعهد الوفي🌸
🫒🫒🫒
إن في أبناء هذه الامة أجمعين عشّاق للإمام عليّ على اختلاف مذاهبهم،
وإننا بالدعوة المحمدية البيضاء نقول إن مجمع العشّاق هذا عليه أن يتجلى أكثر،
لأن الزمن اليوم زمن اكتشاف الحقائق،
زمن ظهور النور المحمدي،
زمن الحجة،
وظهور الحجه،
وهذه أمور جلية لكل ذي لب،
إن أعداء الإمام علي عبر التاريخ من النواصب وممن شاكلهم وأعداءه اليوم في حال مختلف،
فأعداءه من قبل كانوا يقتلون من يحبه،
ويمنعون ذكر فضائله وكانوا يحجُبون الكتب،
أما اليوم رغم كل ما فعلت الوهابية ودواعشها فإن عشّاق الإمام عليّ في ازدياد،
لأن المعلومة صارت ممكنة،
وصار بإمكان أي واحد منا أن يقرأ الكتب على اختلاف المدارس،
أن يقرأ لكُتَّاب ومؤرخين من مدرسة السُّنة مما انصفوا ونطقوا بالحق،
ويقرأ للآخرين من مدرسة التشيع أيضا ومن غيرها من المدارس،
وهو بذلك عندما يقرأ ويسْتقرأ يستجدي الحقائق التي شُوهت وحُرفت،
كما فعل سيف ابن عمر التميمي الذي خرج بكذبة عبد الله ابن سبأ وبعدد كبير ممن عدّهم من الصحابة والرُّواة لم يكن لهم وجود في الحقيقة،
وهذا اثبته عدد من المستشرقين وعدد من الكُتَّاب المسلمين والمحققين والمؤرخين،
وإننا إذ نقف في باب المحبة هذا،
وإذ تسْتوقفنا مشاهد عديدة تُبين قيمة الإمام عليّ ومقامه الذي لا يُزاحم فيه،
وأنه الأقرب إلى رسول الله،
وأنه أعظم الفرسان بأمر الله،
وأشجع الشجعان بفضل الله،
وأكرم الكرماء بعد رسول الله،
أنه قد ظُلم حقيقة،
وظُلم سيرة ًومسيرةً،
ولكن ذلك لا يمنع من إشراقات الأنوار،
ولا يمنع من نَظَرٍ فيه أمل،
لأننا إذا حصرنا أهل البيت في المظلومية وحصرناهم في ركن من الحزن،
وأضفنا الى ذلك مشاهد مثل أن الإمام عليّ كان يضرب على فخذه وبتولُ رسول الله تُضرب وهذا لا يمكن أن يكون على وجه الحقيقة أبدا،
رغم كثرة من يُنشره،
فإن هذه المسائل كلها إذا صُفّيت وإذا نُظر إليها من باب المحبة والإعتدال والفكر الثاقب الصحيح نجد مجالات للفرح والإبتهاج،
مجالات للإعتزاز والاقتداء،
مجالات تدفعنا إلى دعوة،
إلى ذكر خصال الإمام عليّ خارج إطار المظلمة،
وإلى ذكر خصال الإمام الحسن خارج إطار استشهاده فقط،
و إلى ذكر مكارم الإمام الحسين طيلة حياته وعلومه وجهاده خارج إطار المشهد الكربلائي حصرًا،
دون إغفال المشاهد الأخرى ودون إغفال ذلك الصبر وذلك الإباء وذلك البلاء العظيم،
ولكن النظر لحكمة ذلك وما خلفه أيضا أمر مهم،
لأن هذه المعاني هي المعاني التي ستُطرح في دولة الحُجة،
ستُطرح في دولة العشّاق التي ستقوم بعون الله،
أعني بذلك ما سيكون بأمر رب العالمين،
وبقدرة ربّ العالمين دون قدرة أحد من البشر الضعاف المساكين،
إن الإمام عليّ عليه السلام مدرسة عُظمى،
وإننا عندما نقف لنحدثكم عن الإمام عليّ نشعر بضئالة أحجامنا وقلة فهمنا وعجزنا وتقصيرنا،
ونرى هذا الجبل الأشم العظيم،
ونرى أننا أقل حجما من الحصى،
ولذلك لا يكون الكلام عنه إلّا منه،
ولا يكون وصفه إلّا من تجلي مرايا سرّه ومدده ونوره،
ولا يكون هذا إلّا من عميق المحبة التي تُجيز لناقص أن يتكلم عن كامل،
ولضعيف أن يتكلم عن قوي،
ولشقي أن يتكلم عن نقي،
وهذه من عجائب المحبة وما تصنعه بالبشر،
إننا لولا هذه المحبة ما كان لنا قدرة ولا حق ولا جرأة على مثل هذا المجلس،
إن الكلام عن سيدنا الإمام عليّ كلام يفوح منه المسك،
كلام يمتلأ بالجلال والجمال،
كلام يعانق الكمال ويروم الوصال ويصدق مع الله في كل حال،
🫒🫒🫒
إن الكلام عن سيد الرجال بعد سيد الرجال،
عن الذي قدّس سرّه ربّنا ذو الإكرام والجلال،
الكبير المتعال،
لكلام يدخلنا فيحضره الحال،
وفي خمرة من خمور الأنس،
ومجلس من مجالس القدس،
لأن الإمام عليّ وُلد غي جوف الكعبة،
من أبي طالب وفاطمة،
وكان أبوه سيد البطحاء،
كريما شريفًا عزيزًا أبيًا،
وكانت أمه هاشميه،
فاطمة بنت أسد،
وكانت نقية وليَّة صالحة،
وبين هذين الصدّيقين أبي طالب وفاطمة،
كان سرّ ولادة هذا الإمام مع أشقاء له ظلمتهم أقلام المؤرخين،
وظلمتهم قريش بحسدها،
فلا نجد ذكرٌ لطالبٍ الذي له في قصائد في مدح رسول الله،
والدفاع عنه،
وظلم عُقيل ونسب اليه عَقيل ونُسب إليه ما نُسب من جبن وغير ذلك من أمور هو بريء منها،
وكذلك الإمام جعفر الطيار وما كان له من شأن،
وما كانت له من منزلة،
وإن ظُلم أبي طالب ظُلم لرسول الله وظُلم للإمام عليّ،
لأن الإمام عليّ تَجلي لنور سيدنا أبي طالب،
فسيدنا أبو طالب ربّى رسول الله وكان عليه وصيا،
وهو من الأوصياء،
مؤمن آمن قبل أن بُبعث رسول الله،
بل قبل أن يولد،
لأن أباه عبد المطلب مؤمن موحد،
وكذلك هاشم كان موحدًا،
وكانوا جميعا من سلالة طيبة إلى سيدنا إسماعيل ليس فيهم كافر ولا متعبد لصنم،
حتى أن عبد المطلب كان يقول لم يبقى من الحنيفية الإبراهيمية غيري وأولادي،
وكان عبد المطلب يعلم أن رسول الله سيولد في أجلٍ قريب،
ويعلم عن قصة أوردها سيدنا اسماعيل وأورثها عن فيل سيأتي قبل أن يولد النبي المنتظر،
فلما جاء الفيل نظر فيه نظرة علم فعرف فرجع فقال بعد أن قال لأبرهة أنا ربّ الإبل والنُّوق وللبيت ربّ يحميه قال اللهم إن المرء يحمي رِحاله فاحمي رحاله،
أهذا كلام عابد لصنم،
أهذا كلام كافر بالله،
قد عرف في ابنه عبد الله الذبيح الثاني،
وعرف في رؤيا التي رأى في آمنه سرّ ذلك وعرف أن أبرهة قادم لقتل النبي ولم يكن فقط يريد هدم الكعبة، فقد هدَّمها الحجاج ولم يأتي طيرًا أبابيل،
ولما رأى تلك الآية رافقة أبو طالب وشهد مع فاطمة بنت أسد ومت السيدة آمنة معجزة عظيمة لرسول الله قبل أن يولد بخمسين يوم،
معجزة كتلك التي تجلّت على السيدة العذراء عندما وُلد المسيح فكلمها وكلَّمتها الملائكة قبل ذلك،
فمن أدرى أن الملائكة لم تُبشر السيدة آمنه،
وآمنة أعظم مقاما لأن ابنها أعظم مقاما ومقام الأم من مقام مولودها،
وهذه أمور يعرفها العارفون بالله ويجهلها الجاهلون بالله وينكرها المبغضون لرسول الله،
عند ذلك ظهرت الآية ومحق الله سبحانه وتعالى بقهره وخصهم بعد أن ابتعدت قريش خلف حجاب ووقفت في الجبل بأمر عبد المطلب،
رأى ابو طالب الآية واستيقن،
ولما وُلد رسول الله قال جده هذا هو النبي المنتظر،
وأنشد أبو طالب أبيض يُستسقى الغمام بوجهه،
فكيف يعقل أن يكفر بنبوته وقد صدّق بها قبل ذلك،
ثم إنه حماه من يهود،
وسمع من رهبان الشام ما سمع،
وأخبروه أن هذا هو النبي المنتظر،
في هذه الدائرة النورانية يُولد الإمام عليّ،
ويريد الله أن يجعله في جوف الكعبة لأنه جوف الكعبة،
لأنه جوف الإيمان،
لأنه لا يثبت إيمان مؤمن ما لم يحب الإمام عليّ،
لأن امتحان المشركين كان في رسول الله،
وامتحان المسلمين كان في الإمام عليّ،
إن المعنيين بكلام رسول الله عندما قال لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك الّا منافق،
ليس أولئك المشركون،
إنما من أسلموا،
سيُظهر الله منه خلال محبة الإمام عليّ هل أسلموا أم آمنوا،
فهم بين مقام الأعراب الذين اسلمت ألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم،
وبين مقام المؤمنين حقا،
وما المنافقون الّا الذين ادعوا الإسلام،
أي نطقوا بذلك بنص سورة المنافقين،
وعليه فكما امتحن أبو جهل وامتحن الذين رفضوا الدّين برسول الله فحسدوا وجحدوا بها واسْتيقنتها أنفسهم ظلما وعُلوا،
كذلك امتحن الذين بايعوا رسول الله،
وجاءوا عند رسول الله وقالوا نؤمن أنك رسول الله،
وكذّبهم الله في كتابه العظيم،
كان امتحانهم في الإمام عليّ،
وما دعاء رسول الله عندما قال اللهم والي من والاه وانصر من نصره،
اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره،
واخذل من خذله،
إلّا بيان وجود نوعين،
نوع يواليه،
ونوع يعاديه،
نوع ينصره،
ونوع يخذله،
وإن هذا استمر حتى قال رسول الله عليٌّ قسيم الجنة والنار،
أي أنه في هذه المرحلة التي تنطلق من وفاة رسول الله إلى ظهور المهدي سيكون الإمتحان،
ليس فقط في الإيمان برسول الله بل الإمتحان الحقيقي في حب علىّ وآل بيت النبي،
وها أنتم ترون عبر التاريخ كم عشّاق عليّ قتلوا،
دعبل الخزاعي ومالك الأشطر،
وقُتِّل من قُتّل بعد ذلك الحجاج والسهروردي وغيرهم والطبري والجاحظ،
وابن المقفع وكذلك النسائي الذ كتب كتابا في فضائل عليّ فقُتل لأجل ذلك،
وها أنتم ترون أيضا أن الإمتحان الحقيقي فعلًا في محبة عليّ وآل البيت فإن هنالك أقوام يكرهون ذكره ويشمئزون وكأنما قلوبهم وُصلت بهند وهي تلوك كبد حمزه،
وبالمبغيضين للإمام علي ّوالحاسدين له،
وكأن بسورة يوسف تتكلم عن يوسف الثاني،
آيات للسائلين عند الذي حفر الآبار ليُوحيَ بقصة بئر يوسف،
حسدا لجماله ومقامه لرسول الله،
وحسدا لأنه لأُعْطينا الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويُحب الله ورسوله،
ولم يستطعها إلّا الإمام عليّ،
لِرجل برز لابن وُد ولم يبرز غيره وقاتله،
ولم يكن لغيره أن يقتله،
حتى قال ضَرْبتُ عليّ يوم الخندق بعمل الثقالين،
ضربت عليّ يوم الخندق بعمل أمتي إلى يوم القيامة،
لرجل أمره رسول الله أن يصعد على كتيفيه ليهدم الأصنام وما كان ذلك لغير علي،
لِرجل لم يبرز له فارس يحاربه إلّا غلبه ولم يفرّ قَط وما كان ذلك إلّا لعليّ،
لِرجل زوّجه الله بالبتول الزهراء وما كانت لتُزوج لغير عليّ،
لِرجل آتاه الله الحسنين السبطين،
وما كان أن يكون لغير الإمام عليّ،
لرجل رفع رسول الله يده وقال الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنه أَلَا من كُنْتُ مولاه فهذا عليّ مولاه،
وما كان ذلك ليكون لغير الإمام عليّ،
لرجل تَربَّى في حضن رسول الله،
وما كان ذلك لسواه،
لرجل تركه رسول الله في فراشه فافتداه بنفسه شابا،
وما استطاع أن يفعل ذلك غير الإمام عليّ،
لرجل عندما ذهبت عنه الدنيا لم يبكيها يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري،
وعندما أخذ الخلافة ركب حماره بثوبه المرقع وقال أنا الذي أذل الدنيا،
لرجل كان فصيح اللسان،
ثابت الجنان قوي البيان عظيم البرهان،
لرجل قال عن نفسه محمد النبي أخي وصهري وحمزه سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يُمسي ويضحي يصلي مع الملائكة ابن أمي وبنتُ محمد سَكَنِي وعُرْسَي مشُوب لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولدأيا منها فأيكم له سهم كسهمي،
هذه نقولها حقيقة واعتزازا وافتخارا بهذا الإمام العظيم،
اسْمع خُطَبَه لتعرف،
أقرب اللفظ لكلام الله كلام رسول الله،
وانظر قصائده لترى الفصاحة والبلاغة التي يذهل بها أمرؤ القيس ويعجز عنها البُحتري وابو تمام والمتنبي، وانظر في قصائد ابيه لتعرف الأصل،
حتى أن ابن سلّام الجمحي قال في كتابه جمهرة اشعار العرب عن قول أبي طالب عليه السلام في قصيدته الطويلة :
🌸ولقد علمت بان دين محمد
🌸هو خير أديان البرية دينا
🫒🫒🫒
قال إنها افضل من المعلقات وسماها المعلقة العاشرة،
الحادي عشر لذلك إننا نتكلم عن إمام بأتم ما تعني الكلمة،
عن فارس مغوار،
عن سموراي السماء،
عن مقاتل لا ينشق له غبار،
عن عاشق معشوق،
عن واثق موثوق،
عن صادق صدوق،
عن الذي قال والذي برأ النّسمة أنه لعهد رسول الله إليّ ألَّا إلَّا مؤمن ولا يبغضني إلّا منافق،
وله من الكلام عجيب الحكم وله من مواقف عجيب ما يفعل الواصلون إلى الله بالله،
إن ظُلم الإمام علي وحربه لأنه جسّد الجلال المحمدي،
فما من بيت من قريش إلا وقد قَتل الإمام على اشدّ فرسانهم فتكا،
وأن الإمام علب عندما قام بذلك كان يؤدي واجبه اتجاه ربه واتجاه نبيه،
وإن رسول الله الرحمة المهداة ما كان له أن يحمل سيفا ويقاتل ولو قاتل لكان أشد ضراوة بين علي وحمزة في بدر،
وعند علي وهو مشاهد الجمل وصِفين وغيرها والنهروان هنالك كلام كثير،
بين علي ورسول الله تُرفع روحه الشريفة وينتقل إلى جوار ربه على صدر الإمام علي،
وراجعوا حديث الإمام ابن عباس حتى تفهموا ذلك،
فما كان لرسول الله ان يحتمل مغادرته للدنيا أحد إلا الإمام علي،
قال ففاضت نفسه فمسحت بها وجهي،
وبين الإمام علي وهو يضم قبر السيدة فاطمه ويقول :
🌸 🌸 🌸
أرى علل الدنيا علي كثيرة
وصاحبها طول الزمان عليل
لكل لقاء بين خلين فرقة
وكل الذي دون الفراق قليل
فإن فراقي فاطم بعد أحمد
دليل على ألا يدوم خليل
🌸 🌸 🌸
إلى قوله، وقد بلغه ثم رأى ابن ملجم وقد حمل السيف وامتشقه ..وقيل .. هذا يريد بك شرا .. فقال أأقتلي قاتلي .. إن رسول الله قال لي ..أتعلم يا علي من أشقاها ..؟ أحيمر عاد .. والذي يقضب هذه من هذه .. وأنشد الإمام :
🌸 🌸 🌸
حيازيمك للموت فإن الموت آتيك
ولا تجزع من الموت إذا حلّ بواديك
🌸 🌸 🌸
إلى مشهد أم كلثوم ابنته وهي تقول له قبل أن تفيض روحه،
وحزني عليك يا أبتي،
فقال ..لا حزن على ابيك بعد اليوم،
الإمام علي أخفى قبر السيدة فاطمه ثم خرج يحمل سيفه يتوكأ عليه من شديد حزنه عندما أراد البعض نبش هنا او هناك بحثا عنها،
والإمام علي أمر باخفاء قبره وطلب من الحسنين أن يخفيا ذلك،
وخرجت جنازة غير حقيقية وأخرى كانت سرية،
حتى دلّ علي مكانه الإمام جعفر الصادق،
إن هذا الألم أن القبور نفسها تخفى لأنه يعلم بغض المبغيضين له،
هذا الحقد كان على رسول الله،
ولكنهم تقمصوا الإيمان وادعوه ادعاء فكان الامتحان بعلي،
لم يحبه إلا مؤمن ولم يكرهه ويزاحمه إلا منافق أو ذو مرض نفاق،
هذا بيان دون أن نفصل فيه ودون أن نغوص فيه ودون أن ندخل في اشكالياته،
يكفي أن نقول لكم جميعا من كان يريد لقاء الله ويريد أن يكون تحت راية رسول الله فعليه بقول رسول الله من كنت مولاه فهذا علي مولاه هذه المحمدية البيضاء،
كن سُنيّا أو شيعيا أو كن ما تريد،
ولكن إن قلت لا إله إلا الله محمد رسول الله،
فاعلم أن رسول الله وضع في عنقك ولاءً للإمام علي،
وأن الله فرض عليك مودة للقربى،
وأن رسول الله أمرك وأمر الصحابة قبلك وقال لك ولهم أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم وأحبوني بحب الله وأحبوا آل بيتي لحبي،
ولم يكن ذلك مزحاً ولم يكن ذلك لإفتقار آل البيت للمحبة،
الله يحبهم ورسوله الملائكة وصالح الإنس والجن والخلق من قبل ذلك،
إنما لإفتقارك أنت إليهم،
إن رسول الله دلّ الأمة على طريق النجاة ودلّهم على سفينة نوح ودلّهم على باب حِطه،
وكما أن سفينة نوح لم يركبها إلا قلّة وباب حِطه لم يدخله إلا قلة،
فإن باب حِطه آل البيت لايدخله إلا قليل وسفينتهم لم يركبها إلا قليل،
إن تتبع أكثر من في الارض يضللك عن سبيل الله .. وإن كثيرا من في الناس لفاسقون .. لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون
🫒🫒🫒
هذه محنة أرادها الله سبحانه وتعالى ما لنا في ذلك يدٌ ولا لنا في ذلك فهم ٌكامل،
حكمة مرة،
شبيهة بقتل الخضر للغلام،
ولكننا نرجوا من الله سبحانه وتعالى أن ينشر راية محبة محمد وآل بيته أن تغمر كل قلب مسلم مؤمن موحد أيًّا كان مذهبه سواء كان سلفيا أم صوفيا سُنْيًّا أم شيعيا أم كان زيديا أم إباضيا أم كان على أي مدرسة من هذه المدرس.
والله اننا لنعجب من جورج جرداق أو غير عندما ينشد عن الإمام علي من أبناء المسيحيه الذين لم يدخلوا في الصراعات التي دخلت فيها الأمة،
إنما نظر بأعين منصفه،
فكيف يعقل أو يقبل،
أن مجرد الكلام عن الإمام علي يُصبح تهمه،
وان حب الإمام علي يُصبح سُبَّه،
وأن من قال أحب علي وأواليه قيل له نطردك من نادي السُّنه الذي نملكه،
إن مدرسة السُّنة قامت على محبة آل البيت،
إن من أقطابها في الحديث وفي الفقه وفي التصوف كانوا موالين لآل بيت النبي،
إذ أن الفقه من جعفر الصادق إلى الإمام مالك إلى أبي حنيفه وإلى الشافعي وكثير من الحنابله الذين كانوا من تلاميذ الشيخ عبد القادرالجيلاني،
إن التصوف من آل البيت ومدرستهم،
إن الحديث منهم ولهم وإن السّنه سنة جدهم وإن الدّين قد جعله الله سبحانه وتعالى موصولا بهم حتى قال رسول الله كتاب الله وعِترتي آل بيتي والقرآن لا يفترقا حتى يريدا عليّ الحوض إن بياني هذا أو كلامي هذا وموقفي هذا ومشهدي هذا لإثبات نَسَبٍ وَصِلَةٍ كرامة لهم وليس ذلك كرامة لي،
إن البيان وما كان من بيان وما سيكون إنما برهان عليهم حتى يُعرف إن كان هذا الشعاع الضئيل فكيف بتلك الشموس العظيمة،
وإن كانت هذه الشمعة خافتة فكيف بتلك الأقمار العظيمة المنيرة الكبيرة،
وإن كان هذا الضئيل فكيف بأولئك العظماء الكرماء،
إن الذين يبارزون عليا في ميادين التاريخ وميادين الفضل،
والذين مازالوا يتباهون بمن هم دونه إنما هم قوم في قلوبهم مرض،
إن الذين يكرهون ذرية النبي ويحسدونهم ويودون لو أن الأرض تنشق وتبتلعهم،
ولا يسمعون كلمة عن علي وفاطمة والحسنين،
إنما يبغضون رسول الله في الحقيقة،
إن الذين يقولون إن أبا النبي عبدالله الطاهر المطهر الذي لو كان قبل رسول الله وبينه وبين اسماعيل أنبياء في ذرية إسماعيل لكان أبوه وكان جده،
إن الذين يكرهون آمنه ويقولون أنها في النار وهي زهرة قريش وأم خير خلق الله،
أو الذين يصدقون أن أقل الناس عذابا أبو طالب جمرتان يغلي منهما الرأس،
إن هؤلاء لمرضى وسيحل بالذين يبقون في هذه الدنيا زمن المهدي عذاب أليم ويحل باليذين انتقلوا عن هذه الدنيا عندما يلقون الله عذاب أليم،
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا،
إننا في مولد الإمام علي نستذكر شجاعته وكرمه وكرامته وطيبته ونذكر أبا تراب قم يا أبا تراب نذكر محبة رسول الله له،
نذكر عناية الله به نذكر حب الزهراء له وحب الحسنين وزينب،
نذكر حب الملائكة ونذكر محبة كل طيب للإمام علي،
نذكر امجاده.. وأيامه،
نذكر خيبرا ونذكر قتله لمرحب،
ونذكر الاحزاب وقتله لعمر ابن وُد،
ونذكر بدرا،
ونذكر عمه حمزه،
وأخاه جعفر،
ونذكر له طفولته التي كانت في خدمة رسول الله،
نذكر له امجاد والده الذي أحب رسول الله،
وآواه وجعل لحمه على لحمه،
وكان يأمر ابنه طالب أن ينام مكانه،
نذكر فداءه وفدائيته،
نذكر طيبته،
نذكر قدمين فيهما زُرقة السفر انتفختا لأنه بعد أن أدى آمانات رسول الله مضى على قدميه إلى المدينة،
نذكر رسول الله يضمه،
نذكر هجرة الفواطم،
نذكر للإمام علي أنه لم يتأخر عن تلبية نداء رسول الله أبدا،
ولم يهرب ويفر أبدا،
نذكر أنه كان يصد السهام عن رسول الله بجسده،
نذكر له مواقفه العظيمة الكريمة عندما انتقل رسول الله،
وقال له لتجدن أثرة من بعدي،
فقال افي ديني يا رسول الله ؟ قال لا ..قال إذا لا أبالي .
نذكر قوله لولا العهد الذي أخذه الله على المؤمنين ألا يصمتوا على بطش ظالم او سَغَب مظلوم لألفيت أولها على أخرها ولألفيتم دنياكم عندي أهون عليّ من عفطة عنز،
نذكر هذا الإمام الذي كان يبكي طول اليل متهجدا وهو يقول يا صفراء يا بيضاء غري غيري،
نذكر توسله لله وكأنه أتى بذنوب الأولين والآخرين وهو الذي لم يقترف ذنبا
نذكر أن الله زوجه بكامله وما كان ليكون زوجة الكاملة إلا كاملا،
نذكر قربه من عصمة رسول الله ومن نور رسول الله ومن سر رسول الله حتى قال عنه الحق مع علي يدور حيث دار،
نذكر كل ذلك بمحبة،
نعم لم نجتمع به في دار الدنيا لم نجتمع به على هيئة التجسيد ولكن كم اجتمعنا به على لقاء الارواح في غفلة الأشباح،
وكم كان بيننا في زمن ألست من اتصال،
سر بسر لكأن الامر من نفس الشجرة،
الناس من اشجار مختلفة،
وأنا وأنت يا علي من نفس الشجرة،
هذه شجرة محمد وآل بيته كان بيننا وبينه ما كان وما سيكون بيننا وبينه بعد شهقة الموت ما يكون في برزخ عليين برحمة الله وشفاعة رسول الله وحبنا لعلي وفاطمة والحسنين وذرياتهم وحبنا للأنبياء قبل ذلك والصالحين،
وسيكون لنا بعون الله في جنة رب العالمين معهم مقام،
وسيكون لنا بعون الله فيما هو قادم قريب مع قائمهم مقام،
إنها أيام لله ستظهر وستنجلي وأنه الحق الذي نقوله،
وأنا ما ننطق زورا وما نأتي بهتانا،
ولا نقول كلاما فيه تقيه نستخفي فيه خوف أحد،
إنما ننطق عن حكمة،
فإن اختفاء رسول الله في الغار لم يكن لمخافة،
بل لحكمة وما نُخفي في غار المعنى وغار التاريخ،
والصمت ليس لخوف بل لحكمة،
ونعلم الكثير ونقول القليل،
وإننا عندما نتكلم عن الإمام علي ندعوا لحبه،
لأن الله ورسوله دعا إلى ذلك،
ونأسف ونألم لما مان ولا نُحمل عوام المسلمين شيئا من ذلك،
ولا ندعوا لتمزق المذهبية وانقسام الطائفية،
بل إننا نقول إننا في هذه المدرسة التونسية الزيتونية المباركة،
وجدنا مجمعا رحمانيا بين التسنن والولاء لآل البيت وشواهد ذلك كثيرة،
حتى قال ابن أبي الضياف في كتاب الإتحاف وحب علي و آله دارج في عموم التونسيين وفي عموم أهل افريقيه يشترك في ذلك عالمهم وجاهلهم وصغيرهم وكبيرهم ونساءهم ورجالهم حتى ان نساءهم عند الولادة ينادينا يا محمد يا علي،
وهو من كان وزيرا وكان تلميذ إبراهيم الرياحي العلامة الكبير عميد هذه المدرسة الزيتونية وأحد اركانها وله مدائح في آل البيت كما ذكرنا،
إننا ندعوا إل المحمدية البيضاء وإلى وضوح الرؤيا وإلى شجاعة الفكر والموقف إن وقوفنا مع الإمام علي وقوف واحد،
حتى لو كان من غير هذا الدين
حتى لو كان من غير البشر
إنما هو وقوف للحق،
فكيف وهو إمام المسلمين
أقام الله به لرسوله دولة الاسلام
دون أن نقزم دور أحد من أصحاب رسول الله
ولا مقام أحد من خلّص أصحاب رسول الله
ولكن الإمام علي لا يضاهى ولا يبارى ولا يبلغ شأوه أحد،
لان الله سبحانه وتعالى خصّه بهذه الخصوصية،
ففيما المزاحمة إننا نحب الإمام علي،
أذكر لي مشهدا في مقامه بالنجف عندما أنشدت أمام ضريحه الشريف :
🌸 🌸 🌸
إني الغني بكم لا لست أفتقر
إن كنت مفتخرا فيكم سأفتخر
يامن هم كنف إن جئت اقصدهم
يا من هم بشر لكن ولا بشر
🌸 🌸 🌸
أسال الله جل في علاه سبحانه وتعالى أن يزيدنا ويزدكم محبة لرسول الله ولآل بيت رسول الله
وان يشملنا ويشملكم بنظرة من سيدنا الإمام علي..
صاحب الذكرى والبشرى وأن يجعلنا ممن يواليه لا من يعاديه
أن يجعلنا ممن ينصره لا ممن يخذله
أن يجعلنا من راكب السفينة وان يشفعهم فينا
وان يجعلنا من جند الإمام عليه السلام ومن حاصة خاصته
ويوم يكشف القناع ويكشف عن ساق وتظهر الحقائق التي تصدم الكثيرين
إن الراية المحمديه خفاقة في عالم المعنى
وستخفق في عوالم المبنى
وسوف يتم الله لآل بيت النبي ما وعدهم مُلك الدنيا ومُلك الآخرة
ولذلك كان وصل الامام علي بالمهدي وصلا عظيما
حتى قال عنه يصفه إنه في كهف الزمان وإن اسمه سر مطلسم
وإن أمرنا هذا مستصعب لا يقدر عليه إلا ملك منزل أو نبي مرسل
أو رجل شرح الله صدره للإيمان،
نسال الله لنا ولكم من ذلك،
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد حتى يرضى محمد وآل محمد وبلغ الإمام علي منا السلام .. والحمد لله رب العالمين .