مؤتمر التصوف العالمي الأوّل ببغداد.. ماذا أوصى بجلسته الختامية؟ والدكتور العلامة مازن الشريف على ماذا ركّز بكلمته الختامية في المؤتمر؟ عُقدت الجلسة الختامية لمؤتمر التصوف العالمي الأول المقام في محافظة بغداد بدولة العراق الشقيق مساء السابع من شباط الجاري لعام 2024. وقد ركّزت الجلسة الختامية على ضرورة الوقوف مع فلسطين ضد العدو الصهيوني، والتأكيد على نشر الرسالة الحقيقية للتصوف الإسلامي الذي يقوم على نشر المحبة والسلام في العالم. وإليكم النص الكامل للكلمة الختامية، توصياتها، بنودها، وما جاءت فيه بالتفصيل: بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطّاهرين وصحابته الغرّ الميامين. أمّا بعد .. البيان الختامي لهذا اليوم المبارك: انعقد المؤتمر الدولي للتصوّف في بغداد الحبيبة برعاية الحكومة العراقيّة بتوجيه دولة رئيس مجلس الوزراء وتنفيذ ديوان الوقف السُّنّي باشتراك أكثر من خمسين دولةٍ عربيةٍ وإسلاميّة تحت عنوان: التصوّف ودوره في توحيد الأمة ونهضتها للسنة 1445 الهجرية / 2024 ميلادية. وقد خرج المؤتمر بالتوصيات الآتية: أولاً: يقف المؤتمرون في هذا المؤتمر مع شعبنا الفلسطيني المجاهد وقفة إجلال في جهاده ضد العدو الصهيوني الذي مازال يسفك دماء المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ويرتكب جرائم الإبادة الجماعية في حقّهم، ويطالب المؤتمرون العالم العربي والإسلامي بنصرة قضيّتهم والوقوف معهم بالنفس والمال والكلمة. ثانياً: إنّ التصوّف منهجٌ ربّاني يقوم على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم ويرفض كل الممارسات الخاطئة الدخيلة عليه. ثالثاً: احترام الرموز الدينية من الآل والصحابة والأولياء والصالحين رضي الله عنهم جميعاً ولا يجوز النيل منهم و الحطّ من مكانتهم. والتصوف منهج قائمٌ على الاتباع الكامل للآل والصحب الكرام رضي الله عنهم. رابعاً: التأكيد على نشر الرسالة الحقيقية للتصوف الإسلامي الذي تقوم على نشر المحبة والسلام في العالم. خامساً: إنّ التصوف الحقيقي يتسم بالوسطيّة التي جاء بها الإسلام تنبذ التطرّف و الطائفية. سادساً: تبعة الزوايا والتكايا والمدارس إلى تطبيق المنهج والسلوك التربوي الذي كان يطبّقه العارفون لله، الجامع بين العلم والمعرفة والسلوك. سابعاً: لقد أسهم أهل التصوف في نشر الإسلام في بقاع الأرض بأخلاقهم وتعاملاتهم الروحية ومجاهدة أنفسهم وعظيم معارفهم. ثامناً: ضرورة تدريس مادة التصوّف الإسلامي في المدارس والجامعات وتأليف منهجٍ ملائم الاختصاصات العلمية كافّة من ذوي الخبرة والاختصاص. تاسعاً: الدعوة إلى إنشاء المشيخة العالمية للتصوف تجمع كافة الطرق والمشارق ويكون مقرّها في بغداد المحروسة. عاشراً: يطالب المؤتمرون دولة رئيس الوزراء بإعادة إعمار وترميم المساجد والمقامات والأضرحة التي دمّرها الإرهاب. وبالختام.. يشكر المؤتمرون العراق حكومةً وشعباً على هذه الدعوة ويسألون الله تعالى أن يحفظ فلسطين، أن يحفظ غزة وشعبها وأن ينصرها على العدوّ الصهيوني المجرم، ويحفظ جميع بلاد المسلمين، إنّه سميعٌ مجيب الدعاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، موتمرو بغداد.. مساء اليوم السابع من شباط من عام 2024 الموافق للسادس والعشرين من رجب الأغرّ من العام الهجري 1445 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الشيخ الدكتور مازن الشريف في الجلسة الختامية لمؤتمر التصوف الدولي ببغداد العراق… على ماذا ركّز.. وأهم النقاط التي تكلم بها :
بالنسبة لفضيلة العلامة الشيخ مازن الشريف رئيس مؤسسة المنارة، تحدّث عن بداية تأسيس المؤتمر وأهميته والحاجة إليه، وركّز على استراتيجيات الواقع، والعمل مع الشباب، وعلى المباحث العلمية الجديدة المستحدثة، وأشار إلى التصوّف المكذوب الذي يستخدم المخدّرات الإلكترونية والتنويم المغناطيسي والسحر والكابالا، وتمنّى أن تُناقَش هذه الأمور في هذا المؤتمر أو في أي مؤتمر غيره. وإليكم النص الكامل لكلمة الدكتور: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنعم على أحبابه بفتح أبوابه ونزّل على عبده محكم كتابه وصلِّ عليه وعلى آله ورضي عن أصحابه وجعله مفازةً من قرب جنابه، ومنجاةً من شديد عقابه ولظى عذابه ومفازةً نحو جزيل ثوابه. وصلى الله على النبي العربي الأمّي، الذي كان أمَّةً، والذي نوّر الله به القلوب وغفر الذنوب ويسّر الدروب ومحا العيوب، حبيب علّام الغيوب، وعلى آله مرايا ذاته ونور مشكاته وسلام على عباد الله العارفين الصالحين المؤمنين المخبتين الذين ذكروا الله فى كل حين. أحبابنا، عشيرتنا، سادتنا الكرام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، يطيب لي أن أكون بينكم وأن نجدّد العهد معكم فى محبة الله بالله، ولعلّي أبتدأ كلامي هذا المُختَزل المختصر بقصيدةٍ، طار طائرٌ من خفيّ الروح إليّ منذ حين، فأهداها إلي، لي لفظها، وله سرّها، وإليكم عبقها :
شدّ العزائم والقوى يا حادي *** بالمدح والأذكار والإنشاد واهدِ السلام إلى العراق تحيّةً *** من قادم الأحفاد للأجداد وابعثّ لحيدرة الأمام قصائداً *** تشكو لظى الأشواق في الأكباد وارحل الى الطّف العظيم بلهفة *** نحو الحسين وكاظمٍ والهادي وإلى العُمارة إن قصدت فقم بها *** عند المُبجّل من بني الصياد ولدى الجنيد أدمْ فؤادك نظرةً *** وبروض معروف مع الأجواد والباز فلتقصدْ بحالٍ مولهٍ *** لتفوز بالأسرار والأمداد طر بالهوى ولهانَ خفقَ حمامةٍ *** من تونس طارت إلى بغداد
حيّاكم الله جميعاً، أما هذا المؤتمر المبارك عملٌ يأتي منذ تناجيت أنا والسيد صالح الألوسي منذ أعوام وقد طغى السواد على هذه الأمة، ابتدر إلى ما في كتبها من فاسد الفقه وفساد الرأي من تكفيرٍ وتجسيم وخروج عن كل طريق يؤدي إلى الله، فجمع خبراء وعلماء ومخابرات أسوأ ما وجدوا فجمّعوه في عقول بعضهم ممن فسدت ألبابهم وفُقِد صوابه، وممن أظلمت قلوبهم وتكاثرت ذنوبهم واغتروا بعدم معرفتهم بظنهم أنهم يعرفون، فأقبلوا يقتلون أهلنا في الشام و في العراق يكبّرون باسم ربٍ لا يعرفونه، يتنادون بنبي والله ما ذاقوا من سرّ روحه نفحةً ولا عرفوا من آيات ربّه التي كانوا يتلونها، يمرقون عن الدين، كما يمرق السهم عن الرميّة، كما قال تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وتلاوتكم إلى تلاوتهم، أتوا بهذا الشرِّ الذي كان عند الأزارقة، من شر أبي الخويصرة، بفتن المفسدين وأعداء هذا الدين أتوا إلى بلاد تونس كذلك، ووقفنا لهم فقلنا قولة وليها أحمد ابن عروس: وإذا ماجبّارُُ طغى وصار بطغيانه يسرفُ أرسله الله إلى تونس فكلُ جبّار بها يخسفُ تنادوا وتمادوا ولكن الله كسر شوكتهم في أرض العراق من صرخة هيهات منّا الذّلة التي أنالها وأمالها و أطالها وقالها جدّي الحسين إذ نادى: وإن الدّعي بن الدّعي قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة يأبى الله علينا ذلك ورسوله وأنوفٌ حميّة و أنفس أبيّة من سرِّ الإمام علي و أمداد شيخنا و سيدنا الإمام عبد القادر الجيلاني ومن جناح يطير إلى معين الدين الجشتي الذي أقمت عنده شهراً أتنسّم رياض نوره و عبق حبوره وحضوره، هذا العراق العظيم والشام العظيمة كسر أنف هذا الطغيان. وأكلّمكم بوصفي خبيراً عسكريّاً وأمنيّاً مختصّاً في مجال مكافحة الإرهاب وأعرف بدقّة عن هذا المجال وعملت فيه وحوله وكتبت عنه كتب كان منظّروه الأمريكان يتكلّمون عن أنّ داعش تبقى ثلأثون عام، و خرج هؤلاء الرجال وأتت هذه الفتوى المباركة ووقف رجال أمثال السيد أبو صالح في هذه الملحمة. وعندما انكسرت شوكتهم أتوا بحرب مباشرة اليوم في غزة، أتوا بحرب عن الإنسانية بالجندرية والشذوذ والإلحاد يزيّنونه بالحرية يلوّنونه بآلات أوهام العلم و تصاوير البيولوجيا والفيزياء الكونية، وأتوا يضربون اُسَّ الضمير الإنساني. وعندما استيأسوا من هنا وهناك جاؤوا للتصوّف لأن الإنسانية تبحث عن روحها عندما غمرها مرض غامض وعندما كثر الموت والبلاء وتحققت النبوة، نبياً ما يجعل الأمر قريباً عاجلاً مسرعاً إلينا تنزل خيله من عند الله بنور لا إله إلا الله و بسرّ محمد بن عبد الله و بأنوار: "وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا" أتوا ليفسدوا طريق الضوء، اتخذوه تجارة و اتخذوه مغنماً و أرادوا حصد قمح و زرعٍ زرعناه بدمائنا ودماء شهدائنا وكبد أيامنا وإرثنا عن آبائنا. لذلك فإنّ العمل الذي تقومون به عمل عظيم، عمل مبارك تجميع هذه الأمة نحو غاية وراية، نحو ظهور آية نحو إعلاء كلمة حق. قال أبو الفتح البستي: تحيّر النّاسُ في الصُّوفيِّ واختلَفوا… وعدّه البعضُ منسوباً الى الصُّوفِ ولستُ أمنحُ هذا اللفظ غيرَ فتىً… صافى فصُوفِيَ حتَّى سُميَّ الصُّوفي وقلت في تفسير ذلك: الصوفية صفوةٍ اصطفوا على اصطفاءٍ وصفاءٍ في مصفاةٍ للّه سبحانه وتعالى نحن نصطفّ اليوم في هذا الاصطفاف الروحاني، في هذه الأسرار من كل البلدان التي أتينا منها على مدد من آبائنا، إذ أن كلّ منّا منسوب أو محسوب، و كذلك هذا الحبل الموصول بيننا أسأل الله إدامته، يبقى لدينا مناقشات استراتيجية. الدكتوراه التي ألّفتها كان عنوانها: التصوّف الاستراتيجي، بنية الأصل و هيكليّة الفروع. هنالك استراتيجيات واقع، هناك عمل مع الشباب كبير جداً، خاصة الشباب، هنالك مباحث علميّة جديدة مستحدثة، هنالك تصوّف مكذوب يستخدم التنويم المغناطيسي، يستخدم المخدرات الالكترونية، بعضهم يقول الإنسان أنت ترى النور وهو لا يرى شيء، يستخدم السحر والكابالا و غيرها، نرجو أن تُناقَش في هذا المؤتمر أو في غيره. أحييكم سيدي رئيس هذا الوقف السّنّي المبارك، وكذلك فخامة رئيس الوزراء والسادة العلماء، جزاكم الله خيراً. نعم قليل أن نمنح هذا الحيّز الضيّق من الوقت مع ما أتينا به من تبحّر علمنا وفهمنا، ولكن كلٌّ يأتي بشيء من بركة الله سبحانه التي أودعنا فيه، هذا ليس كلام تشدّقٍ ولا كلام تمظهر، هذا روح في أنفسنا ورثته عن أبي عن أبيه عن آبائه، إلى مولاي إدريس الأزهر و الأدريس الأكبر، إلى عبد الله الكامل، إلى الحسن المثنّى وفاطمة النبويّة. أحيّي سيدي عزيز الجيلاني وسيدي الكتّاني وسيدي جابر البغدادي، وأخي أحمد تميم وكل هؤلاء الاحباب، والسيد أبو صالح، أنتم جميعاً في القلب، جزاكم الله خير، وحبيبي أحمد شحاته الأزهري، الذي نسكر معاً في محبّة الله وندرس أربعة مقامات: ذكر وفكر وشكر وسكر، فأمّا الذّكر: انكسار القلب في حب المحبوب، وأما الفكر: انكسار العقل بعظمة علام الغيوب، وأما الشكر: حضور قلب وعقل وروح لشكر الله و حمده، و أما السكر نزع ذلك، لا عقل ولا قلب ولا روح، ولاء في فناء في فناء. فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ.. وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ إذا صحّ منك الودّ فالكل هالك.. والكل الذي فوق التراب تراب.
هذا ويستمر فضيلة الشيخ مازن الشريف حفظه الله بزياراته إلى مقامات الأئمة والأولياء الصالحين وينقل لنا عبق ما يشاهد ويرى ويعاين، وإن شاء الله تستمر الهمّة بإنجاز المهمّة… والمنارة إلى بشارة بإذن الله.