تأملات عرفانية للشيخ مازن الشريف : علم المعية.
المعية معناها وأنواعها وشيء من اسرارها وأنوارها.
علم المعية يتعلق بفهم هذه المعية العظيمة: المعية الربانية العامة والخاصة والمخصوصة.
معية رسول الله وشيء من معناها.
كلام مهم لمن يهتم.
🌸 🫒🫒 🌸
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على سيدنا محمد نبي الرحمة والهدى والخير ما رفرف الطير وأدلج مدلج إليه بسير ..اللهم صل وسلم وبارك وعزز وأكرم وأنعم وأنعم وتكرم على سيدنا وحبيبنا ومولانا وقرة عيوننا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وارضى اللهم عن أصحابه الخلص الذين أيدوه ونصروه وسلام على عباد الله الصالحين وسلام علينا معهم برحمة منك يارب العالمين .
أحبابنا في الله السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
🌸 أهلا بكم لموعد جديد في هذه التأملات العرفانية ..أن نعرف الله أكثر ..أن نقترب منه وهو منا قريب ..وأن نفهم بعض المعاني والنفحات التي أتقاسمها معكم من تجربة من تجارب خلقه فنحن من خلقه وله سبحانه وتعالى مجال وثمة مسائل تحتاج إلى تجربة وإلى دربة وليست فقط مما يقرأ ومما يدرس عنه ..لأن الأحوال التي ضاقها العارفون ضاقوها وجربوها ثم تكلموا عنها ..والذي يقرأ لهم دون أن يطبق وأن يحث السير في أن يكون في ركابهم أو أن يجول في رحابهم أو أن يقف على أعتابهم أو أن يكون منهم أو فيهم أو معهم أو حولهم خادما لا نادما والذي يكون لهم خادما لن يكون أبدا نادما ..هذا يحتاج إلى وقت بين التخلي والتحلي والتجلي والتملي .. أن تتخلى لله سبحانه وتعالى تسليما { ويسلموا تسليما } ..أن تتحلى بصفات حميدة مما يعني أن تنزع أشواك ذاتك وأن تجعل أرض القفر التي فيك أرضا صالحة لزراعة الأنوار والثمار الطيبة ..وبعد ذالك يكون عليك من التجلي مايكون من التملي ..النظر الملي إلى مشهد الجمال ما ألذ لذة الوصال وما أجمل مشهد الجمال ..الجمال مشهده جميل وهو جميل وهو جمال في جمال ..أنت عندما تكون في هذا الطي في السر في هذا الحال لنفرض أن ذاتك هي العصا وأن فيك شيطان عصى وتخشب كتلك العصا وأنك تستخدم من قبل نفسك من قبل شياطينها فترة من الزمان تهش على غنم الوهم وتسعى في متاهات عديدة من متاهات الحياة ..
🌸 نحن لسنا كملا ..الأنبياء كمل نحن خدام الكمل ..وعندما يأتي الموعد ويلقيك الله في طوى السر الذي فيك الذي ينطوي فيك ..هنا سوف ينكشف لك فرعون نفسك المتمرد الذي يقول لك أنا ربك الأعلى ويريد أن يحكمك ..ويلقى فيك أيضا أو يستيقظ فيك موسى قلبك ..نجي الله وكليمه.. الله الذي لم يسعه أرضه ولا سماؤه ووسعه قلب عبده المؤمن ..ويوم يبلغ الأمر ما يبلغه عندما تكون في طوى السر وعندما تلقى أمام شجرة نار العشق والمحبة في ليل من ليالي الدنيا المدلهمة في ليل بلاء في شدة في محنة في لحظة فرار إلى الله ..حينها سوف ينجلي الحق جلا وعلا في ذاتك عليك يعرفك بك ثم يعرفك به ..لأنك إذا عرفتك عرفته ..فيقول لك إني أنا ربك الأعلى..
هامان نفسك وفرعونها سوف يوقداني على الطين وسوف يحاولان أن يعذبا ذاتك بماضي ذاتك ..بذنوبك بخطاياك ..سيحاولان أن يمنعاكا عن ذالك الأمر العظيم الذي في داخلك ..وعندما يبلغ أمرك أشده حينها يمكن لك أن تضرب بعصا ذاتك ..بيد موسى قلبك البحر الذي في ذاتك ..برزخ البحرين بين الروح والجسم بين الوعي واللاوعي بين عوالم مطوية مخفية في داخلك .. وحينها ستغرق فرعون نفسك وجنده وقارونه وهامانه وينتهي الأمر ..وحينها تبدأ في أحوال التجلي والتملي بعد التخلي والتحلي ..
هذه نفحات كما قلنا مرة في محاضرة ..أن بني إسرائيل نصروا فرعون نفوسهم على موسى قلوبهم ..فروا من فرعون ولكن في داخلهم كان فرعون آخر لم يغرق في البحر ولم ينجوا ..وضمن هذه القصة كانت مشهدية { إن معي ربي سيهدين } وضمن هذه المشهدية يكون الكلام الذي نرومه اليوم عن "المعية "
المعية _ هي الصحبة هي الرفقة هي القرب ..والمعية أشكال وأنواع ..أنت معك وقد تكون ضدك وقد يكون قلبك معك أو ضدك ..وقد تكون نفسك معك أو ضدك ..وقد يكون الناس معك في رأي وضدك في آخر ..قد تكون الأيام تطاوعك وهي معك وقد تكون ضدك أيضا..بلائات يسر وعسر وهكذا هي الحياة ..ومعية مع طرف تعني أن تكون ضد الآخر ..فالذي مع الشيطان فهو ضد الرحمن ..والذي مع الله سبحانه وتعالى هو ضد أعداء الله ..والذي مع القضية ضد أعدائها ..وهكذا يمكن أن نوسع الإطار في مسألة المعية فلسفيا ومنطقيا وعقائديا إلى آفاق يطول شرحها
علم المعية من العلوم التي دونتها في موسوعة البرهان سنة ( 2006 ) وهذا العلم علم جليل وجميل في اعتقادي وأسمي في قلوبنا هكذا
" علم المعية " ونعني به أساسا معية الله ..إن كان الله معك فمن عليك وإن كان عليك فمن معك ..هذه المعية يستشعر بها الإنسان في أوقات كثيرة ..في لحضات القرب والسجود في لحضات البلاء والإضطرار في لحضات الأنس بالله جلا في علاه في لحضات الخلوة في أيام الجلوة في أوقات الخير في لحضات التقوى الذي يتقي يستشعر معية الله ..
🌸 المعية تصل إلى مستويات عجيبة وعظيمة ..أولها الخشية القلبية ..وأعلاها الإحسان ( أن تعبده كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ) ..هذه معية صدقية عظيمة وبينهما أبواب ومعاني
🌸 وفي موسوعة البرهان دونت عن أصناف المعية وأنواعها وفق الآيات القرآنية ..وأقول أيضا أن هذه العلوم التي نطلق عليها أسماء وأن هذه المعارف أعود وأكرر ليست إجتهادا ولا ثمرة بحث ولا جهد ولا فضل للإنسان فيها بشيئ ..إنما مما يكشف الباري جلا في علاه على قلب عباده بمحض فضله لا لفضل لذالك العبد حتى يفهم الإنسان إطاره ويعرف نفسه ..
نحن غبار قدمي رسول الله بل غبار قدمه أقدس وأجمل وأجل وأعلى وأغلى وأحلى ..نحن نقبل أنا شخصيا أتكلم عن نفسي يشرفني لو كنت غبارا مر على كتفي النبي أو على كتفي الإمام علي أو هؤلاء السادة أهل البيت أو تحت أقدامهم أو سيفا قاتل به صاحب كربلاء أو أن أكون ترياقا للإمام الحسن وهؤلاء أحبهم وهؤلاء كلما إستشعرت هذه المعية معهم وكلما كنت معهم وكلما كنت مع من يحبهم وكلما كنت في خدمتهم بحال القلب وحال الشوق وحال العشق ستجد أن الله معك وستجد أنهم معك من قبل أن تستشعر ذالك ومن قبل أن تعلمه فلولم يكونوا معك ما استشعرت أنسهم وما رغبت في قربهم ولا هديت إلى حبهم فمحبتهم هدايا ربانيه وعناية عظيمة لمن ضاقها وجربها وفهمها و الذين يفهمون هم أهل الإسلام المحمدي النقي الذين لم يتشرذموا بمذهبية ولم يمزقوا بطائفية ولم يخدعهم هذا ولا ذاك ..هؤلاء يفهمون أن هذا الدين قوامه { لا إله إلا الله محمد رسول الله }
مشمول فيها أهل بيت رسول الله وضمن ذالك يكون الصالحون ..وعندما نتكلم عن الصالحين ..الصحابة من الصالحين ودليلي على ذالك أن أنبياء لله سبحانه وتعالى مثل سيدنا يوسف وسيدنا سليمان قالوا { وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين } ..أنبياء طلبوا هذا المقام ..فالجميع ضمن الصالحين ومن بينهم الأولياء والأقطاب والأبدال والأوتاد والنقباء والنجباء والأصحاب أصحاب الرسل الخلص الكمل ومن كان في زمن الفترة ومن كان قبلهم ومن كان قبل النشأة الآدمية أيضا ممن خلق الله مما لم نعلم أو لم يعلم عموم البشر إنما علم ذالك بعض خواصهم .
وعليه فإن " علم المعية " يعنى بفهم هذه المعية الربانية وصنوفها وما ينجر عنها وما يكون من أحوالها وما يستتبع ذالك من أحوال الذي يستشعر تلك المعية ومن أقواله ومن دلائل حاله ..أي أن الذي هو في حال المعية الربانية سوف ينجلي عليه الأمر حالا ..ومقالا.. عملا.. وفعلا وهذه المعية عظيمة لها أسرار لها أنوار لها بركات ..
🌸 كل مانقدمه لكم شظرات نريدكم ان تتعرفوا بأنفسكم بإستئناس ذالك وبالنظر إلى ذالك وبالفرار إلى الله وبحتمية الحرب مع النفس وكسر شوكتها والبرائة من الذنوب السابقة والتوبة عنها والرغبة في أن تنافس مع المتنافسين في المقامات العليا العلوية ..
لأن مقاما واحدا فيه مجاميع مقامات داخلية ممنوع عنك ومن إدعاه فقد كفر وهلك وأهلك نفسه ..مقام النبوة ..من قال أنا نبي بعد رسول الله هذا هلك هذا مدعي كذاب دجال أشر ..غير ذالك نافس في ذالك حاول واسعى ٱما أن تكون منهم أو تكون معهم أو تكون خادمهم ..كما تعلمون الذي كان باسطا ذراعيه بالوصيد في قصة أهل الكهف رفع قدره بهم فما بالك بالإنسان الذي يتشوف ويتشرف بهذه المقامات وهذه الأنوار والبركات ويسعى في ذالك بالأعمال الصالحات .
وعليه فالمعية أصناف وصنوف وأنواع ..وأنا أقدم لكم بعض معانيها من بين ذالك مثلا قوله جلا في علاه { وهو معكم أينما كنتم } هذه المعية هي معية كاملة شاملة تشمل كل شيئ حتى الآيات التي وردت فيها آيات تبين سلطان الله جلا في علاه على ملكوته وأنه يشرف على خلقه إشرافا كاملا.. أنه اللطيف الخبير.. أنه السميع البصير.. أنه الحي القيوم.. أنه العليم الذي أحاط بكل شيئ علما وأحصى كل شيئ ..هذا في مكامن هذه الآيات إرجعوا إليها { وهو معكم أينما كنتم }
معية شاملة كاملة هو أقرب إلينا من حبل الوريد { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تشعرون }
{ نحن أقرب إليه من حبل الوريد }
والإنسان.. سبحان الله ربنا جلا في علاه جعل فيه براهين على تلك المعية في داخله هنالك قنوات إستشعار تستشعر هذه المعية العامة التي من بين معانيها أنه لطيف بكل عباده أنه رحيم بجميع عباده وأنه حتى الذين نقم عليهم يؤتيهم رزقهم ويمدهم وله في ذالك حكمة
ماكان عطاء ربك محضورا.. له حكمة وله علم في ذالك وله سابق مشيئة ولكنها معية عامة شاملة بالسمع والنظر والقدرة والبصر والإحاطة والقرب على معاني القرب الربانية التي نستشعرها قلبا ونجهلها عقلا ..فهذه معية شاملة ولها أدلة وآيات أخرى مثل ( مامن نجوى اثنين إلا وهو ثالثهما ) فالنجوى التي تكون بين إثنين أو أدنى من ذالك أو أكثر هو معهم ..الله سبحانه وتعالى في حال النجوى في حال الخلوة في حال الكلام بين الذات وذاتها في حال إجتماع الناس يتناجون بين بعضهم ..بعضهم يتآمر.. بعضهم يذكر الله ..هكذا كما تجدون في القرآن ( وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم ) على سبيل المثال أو( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ) ..هؤلاء جميعا الله جلا في علاه معهم ..
هي إذا معية عامة أو معية شاملة ..شملت كل شيئ
ولكن ضمن هذه المعية ثمة معية قرب ومعية خصوصية ..وهذه المعية الخاصة هي المطمح هي درجة أعلى في المعية ..لأن المعية الأولى الشاملة هي معية إحاطة ..الله سبحانه وتعالى مع الخلق وأمره في الخلق منفذ ناجز وهو سبحانه وتعالى سميع بصير عليم خبير ..هذا معلوم بالضرورة عند كل معتقد في الله ...ولكن المعية الخصوصية هي إضافة للذين هم أقرب إليه نجيا ..للنبي والولي والصفي والمحبوب والمرغوب والمطلوب والمراد الذي حظي بالنظره وشملته الحضره بما أرادت من أنس ومن قدس ..
وعلى سبيل المثال عندما كانا النبيان الكريمان العظيمان موسى وهارون عليهما السلام يخشيان من بطشة فرعون ..بين ظفرين هي خشية إنسانية ..( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ) ..إني معكما هذه معية خاصة ..هذه معية قرب ..وهذه المعية الخاصة حظوة خاصة يختص بها الله جلا في علاه من شاء من عباده ..هذه المعية للذين عرفوا الله حقا ..للذين عبدوه صدقا ...للذين طلبوا قربه وأنسه عبر المفاتيح والأبواب ..
له سبحانه وتعالى أبواب وله مفاتيح
الذكر مفاتيح ..والوسائل أبواب ..الذكر مفتاح لا إله إلا الله ..سبحان الله ..الحمد لله ..لا إله إلا الله والله أكبر ..مفتاح من المفاتيح ..الآيات القرآنية مفاتيح والعبادات
لكن للوسائل أبواب وهذه الابواب أبواب عظيمة ..من أتى بمفتاح دون باب لن يستطيع أن يفلح ..ومن أتى الباب دون مفتاح لن يستطيع أن يفلح ...فالباب الأعظم الأكبر الذي لا يمكن لمخلوق أن يدخل على الله من دونه هو( الباب النبوي باب محمد صل الله عليه وعلى آله )..
{ ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله فاستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } ..فالله جلا في علاه هو الذي أراد وشاء وقدر وقضى وحكم وشرع وسن أن يكون الباب الأعظم إليه ( محمد صل الله عليه وعلى آله )
كل الأدعياء والحمقى وأصحاب الظن بالله وأصحاب قلة الأدب مع رسول الله هؤلاء مبعدون لهم مقام الحيلوله ..من الذي يقول لك لا أحتاج إلى النبي هذا مات وانقضى دوره إلى غير ذالك والذي لا يفرح برسول الله ولا ينشغل برسول الله ولا يحب رسول الله هذا محجوب.. أنى يأتي باب الله جلا في علاه ..أنى يدخل على الحضرة الربانية دون رسول الله سيد الكائنات وإمام المخلوقات وخاتم النبوات والرسالات سيد جميع الخلق الذي هو محمد وأحمد نبينا الرحمة المهدات
والباب إلى رسول الله آل بيته
والباب إلى آل بيته الصالحون
والباب إلى الصالحين أسرار وأنوار ومقامات وأذكار وأحوال ولكل مفاتيح ولكل باب مفتاحه...أبواب لها مفاتيح كبرى وعظمى تجربها فتعرفها ...وتصل إلى هذه الأنوار فتغرفها ومن ضاق عرف ومن جرب غرف ...هنالك تجربة يجب أن تجربها في هذا الإطار ...هذه المعية الخاصة هي معية عظمى ..معية عظيمة ..
🌸 وهنالك معية أقرب وهي المعية التي يستشعرها المضطر المحاصر ...معية مخصوصة ..إني معكما أسمع وأرى معية خاصة ..هنالك معية مخصوصة داخل تلك المعية الخاصة ...ثمة المعية العامة معكم أينما كنتم وثمة معية خاصة إنني معكما أسمع وأرى ...وثمة معية مخصوصة مقامها أعلى ومجلاها احلى وثمنها أغلى ..هذه يشعر بها الإنسان عندما يحاط به عندما ترى أصحاب القضية والحق محاصرين وترى أنهم مستضعفون ..المشهد الكربلائي
أو مشهد حنين أو المشاهد الأخرى التي يتخلى فيها المتخاذلون ويهجم فيها الفاسقون ويهجم فيها المجرمون مثل مشهد فلسطين الآن على سبيل المثال ومشهد هذا الشعب الكريم العظيم الذي يشعر أن كثير من أشقائه يتخلون عنه ...أو مشهد حتى ذاتك وأنت مضطر وأنت لا تجد من الناس من يحميك مثل مشهد هذا الوباء الذي نزل ..البشر أكثر ما آذاهم وقتلهم هو شعورهم أنهم وحدهم ألا أحد معه ..تخلى عنه الصديق والقريب ولم تجد الدولة دواءا ولم يجد مكانا في مستشفى.. أصابه الهلع والفزع ..قتله ذالك أكثر مما قتله المرض نفسه .
🌸 أما الذين يستشعرون معية الله فهم هادئون هانئون
هل هذا المشهد له علاقة بالقرآن العظيم ؟
هو المشهد الذي إنطلقنا به في قصة سيدنا موسى وفرعون إن معي ربي سيهدين { قال كلا إن معي ربي سيهدين } عندما مضى بنو إسرائيل إلى البحر وخلفهم فرعون بجيشه وبهذه العدة وهذه القوة وهذا المشهد لفرعون بجيشه مع المستضعفين ومع هاد يهديهم من عند الله ..مشهد يتكرر.. هذا البحر مشهد يتكرر ..هذا الحصار مشهد يتكرر.. هذا الإحساس بالفزع لدى هؤلاء المستضعفين مشهد يتكرر ...قالوا حينها إن لمدركون خافوا وصار هنالك فزع شديد وحصار شديد وبلغت القلوب الحناجر وهذا البحر أمامهم وهذا العدو ورائهم ...وفرعون طبيعي أنه سيشعر كما يشعر الذين معه من حوله بالزهو والقوة بالغطرسة بمزيد من القوة والغطرسة والشعور أنه لا قادر عليهم.. مثل عاد عتوا واستكبروا وقالوا من أشد منا قوة ...هكذا سيقولون من أشهد منا قوة هذا حال فرعون كحال قوم لوط عندما حاصروه وقالوا من أشد منا قوة بالحال لا بالمقال ..
وهكذا سيشعر لوط أيضا وهو محاصر ولكن الله قريب ومعيته قريبة وأنسه عظيم ...الملائكة قالوا لسيدنا لوط { إن رسل ربك لن يصلوا إليك } ..لن وهذه اللن لها علم أنا لي كتاب في بعض معاني الحروف في القرآن الكريم مثل علم لن ..وعلم إلا.. وعلم الواو.. وغير ذالك ..إن شاء الله في العمر بقية حتى ننشر بينكم ما أفاض الله على القلب بمحض فضله وبركة حبه وحب نبيه وأننا وضعنا الرأس تحت قدم النبي وتحت أقدام أهل البيت السيدة الزهراء والسيدة آمنة والسيدة خديجة وسيدنا الإمام علي وأسيادنا جميعا وسيدنا أبو طالب وسيدنا حمزة ...وأنا أنصص مجددا لمن يصدقني.. أبو طالب إمام عظيم ورجل عظيم ..كلا وكلا وكلا أن يسمح الله ويشرفه بخدمة رسول الله وأن يربيه وأن يضع لحمه على لحمه لمن كتب له الشقاء أو أن تنجبه شقية في النار أو إن ينجبه شقي في النار هذه ترهات إبرؤوا إلى الله منها مهما حدثكم محدثون ومهما أتوا بأسانيد ومهما حدثكم ..كل ذو لب وذو قلب سيعلم أن ذالك باطل وأن الله جلا في علاه ضمن الشفاعة لأمة الحبيب فكيف بالأدنى والأقرب
🌸 المهم أن هذه بركات الوقوف بأعتاب الحسنين وأعتاب هؤلاء السادة أهل البيت الذين نحبهم ونلقى الله على حبهم ..أحب من أحب وكره من كره ومن كره فليأتي للبحر أو ليضرب هامه في أي سخرة يجدها قريبة منه ..وسمها على أي مذهب تريد وعلى أي منهج تريد نحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..وإن كنا نفخر بمدرستنا وأصالتنا وزيتونتنا ونفخر بإنتمائنا إلى هذا الطريق وإلى هذا السبيل ونؤاخي إخوتنا في الدين وإخواننا ونضرائنا في الإنسانية كما قال الإمام علي ( الناس إثنان أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )
🌸 إذا هذا المشهد ..المشهد الذي كان فيه قوم موسى محاصرين وفرعون بزهوه ..هذا البحر معلوم أنه بحر لا يمكن إجتيازه لا وجود لأي مناص حتى التكتيك الإستراتيجي إذا جازت العبارة وأنا كنت كتبت نصا عن هذا مقالا جميلا عن هذا ضمن كتابي "فاعتبروا " ..كيف أننا إفترضنا وتصورنا ولعلنا كوشفنا أن قائد الجيش فرعون وهو يبين له الخطة العسكرية يقول له لم يبقى لهم إلا أن ينشق لهم البحر بسخرية ولكن صاحب البحر يشق البحر.. خالق البحر يشقه الذي خلق هذا العالم يستطيع أن يغير هذا العالم في لحضات ولكن في الميقات المحدد ..عاش فرعون ماكان له أن يعيشه ماقدر له وطغى بما كتب الله عليه من طغيان ولا يكون في ملك الله إلا ما يشاء ولكن في الموعد { فإذا أتى أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون }
لكل أمة أجل ولهذه الأمة ولهذه الحضارة أيضا أجل وأجلهم قريب ..
أخر عنهم العذاب لأمة معدودة .
فذالك الطغيان سواء طال على طول حياة فرعون أو على طول الفترة بين رسول الله والمهدي عليه السلام الأمر سيان.. هي مقادير أرادها وما يكون من ذالك أنهم يستحيون نسائهم ويذبحون أبنائهم أو ما كان من تقتيل ذرية النبي وتقتيل الطيبين ومآسي الحرة كربلاء او الحرة وفخ وما كان بعد ذالك إلى هذه الساعة كل ذالك لأن الله أراد الدنيا دار إمتحان ولكن لا يعني أنه عجز ولا يعني أن ذالك لا ينتهي لا يعني أن ذالك البحر لن ينشق ..سينشق البحر كما شقه أولا ولكل بحر معنى ووجهة
إذا هذا فرعون يحاصر سيدنا موسى وهؤلاء قومه في حالة الفزع في حالة الخوف إن مدركون إن لمدركون يقينا أنهم مدركون ...بالمعنى الإستراتيجي.. أيضا بالمعنى العادي العسكري نعم هم مدركون ونعم سوف يتم تقتيلهم ولكن كان لسيدنا موسى كلمة عجيبة عظيمة أنه قال لهم { كلا إن معي ربي سيهدين } هذه "معي" تزن بالأرض والسموات هذه المعية هذا اليقين ...لو أنه قال إن معنا ربي سيهدينا لأنقلب حال بنو إسرائيل حالا آخر وما ضل من أحد ..ولكنه كان يعلم كان الله ينطقه بالحق كان الله معه ولم يكن معهم
ولكن في الحقيقة بالمعنى الشامل للمعية كان الله معهم جميعا ومع فرعون نفسه ..معه بمعنى أنه كان يراه وكان يسمعه وكان قادرا عليه وكان أقرب إليه من حبل الوريد ...ولكن بمعنى الخصوصية للمعية لم يكن الله مع بني إسرائيل حينها ولم يكن الله سبحانه وتعالى مع فرعون بل كان عليه وسيكتشف سيدنا موسى أنه كان على معظم بني إسرائيل أيضا لأنهم ضلوا وفجروا واتخذوا العجل بعد ذالك ..
ف{إن معي ربي سيهدين} تعني معية خصوصية
الأمة اليوم تحتاج إلى هذا اليقين الموسوي الأمة كلها تحتاج إليه ..في المشهد الكربلائي عندما كان إبن فاطمة عليه وعليها وعلى رسولنا الصلاة والسلام وعلى سيدنا الإمام علي وسيدنا الإمام الحسن وعلى الذرية الصلاة والسلام كان يستشعر تلك المعية ولكن البحر لم ينشق حينها لأن الله أراد أن يراه شهيدا ولكن الأمر مع حفيدهم القائم سيكون مختلفا ستكون معية جبروت ومعية عظمى ومعية تذهل كل عقل وكل خبير عسكري وكل صاحب أقمار صناعية وكل متجسس بقدرة القادر الذي شق البحر أولا فأغرق فرعون ويشق البحر ثانيا فيغرق أحفاد الذين نجاهم من فرعون فكانوا أسوء من فرعون للأسف ..نجى الله من فرعون حينها سيدنا موسى ونجى قومه ولكنهم غرقوا في بحر الظلمات وابتعدوا عن أنس الذات واتبعوا طريق الملذات وتركوا الصلوات واتبعوا الشهوات وقد لقوا غيا وتيها ...هؤلاء لأن فرعون قلوبهم وفرعون نفوسهم كان أقوى من موسى قلوبهم ..لأن فرعون نفوسهم أهلكهم فلم يطوهم اليم كما طوى فرعون وجيشه ولكنهم هلكوا ..
وكذا الذين سينافقون بعد ذالك بعد المهدي ...سوف يأتيهم دجال يدجل عليهم ويجتث نفوسهم منهم فيجتث قلوبهم منهم ويتركهم في حال الخواء في حال العدم في حال ربما يوما ما سنحدثكم عنه كما ذكر رسول الله ( يتهارجون تهارج الحمر لا يحللون حلالا ولا يحرمون حراما وعليهم تقوم الساعة )وأضيفها وهم مسوخ في حال غير بشري .
المهم أن هذه" المعية " التي نتكلم عنها هي معية مخصوصة وهذه المعية يجب أن نشعر بها اليوم ...عليك أن تشعر بهذه المعية الخاصة والمخصوصة لأننا في حال بلاء ..تحتاج هذه المعية في مواجهة الوباء وما بعده ...تسعة آيات عظمى كما كان لفرعون الأول لأننا الآن نحن في زمان فرعون الأخير وتحتاج هذه المعية فيما سيأتي بعد ..لأنه لن ينقذك إلا الله ...
معية في حربك لنفسك ...معية أمام جيوش من الشر المنهال عليك من كل صوب ..تفتح هاتفك قناة التلفزية جهاز التلفزة الأفلام في كل مكان هنالك شياطين تبث سمومها وتنفخ في كل مكان وفي كل شيئ
تحتاج هذه المعية النورانية الربانية الإيمانية الإيقانية الإحسانية العرفانية في كل لحظة وفي كل حين ..تحتاجها من كورونا إلى نيبيرو ..وتحتاجها إلى الذي سيظهره الله رغما عن أنوف الذين يرفضون و الذين يلحدون و الذين يجحدون و الذين يمكرون و الذين يناصبون و الذين يتمشدقون بما لا يعلمون ورغما عن أنف كل دعي بأمر ليس له ..لأن ذالك ظهور يكسر ظهور ويجبر ظهور ويوم عظيم فيه زلزلة كونية ربانية فيه تجليات جبرائيلية فيه أمور عظيمة فيه نصرة محمدية حيدرية حمزوية حسنية حسينية فاطمية أمورا عظيمة وأضيف أنها جعفرية وأنها رفاعية وجيلانية وشاذلية وهكذا أسمرية كما أردتم من مفاتيح الصالحين أو من مفاتيح الأنبياء و المرسلين أو من مفاتيح أهل البيت أجمعين سيجمع الله ذالك كذالك وهو قادر على ذالك وكل محب ناجي وكل مبغض هالك. سبحان الذي بيده الممالك سبحان الذي علمنا المسالك سبحان الذي خلق رضوان وما عند رضوان وخلق مالكا وما عند مالك
والحمدلله الذي شرفنا بهذا المنهج وهذا المنهاج وصل الله على نبي التاج والمعراج
وإن شاء الله تكونوا جميعا في هذه المعية الخاصة المخصوصة المنصوصة المنصصة من الله جلا في علاه للذين اتقوه و الذين أحبوه و الذين يؤمنون به و الذين علموا المفاتيح للذكر والأوراد والشكر والحمد والتفكر والتدبر والإحساس بأنس الله جلا في علاه و الذين أيضا عرفوا الأبواب والوسائل المؤدية إلى رضوان الله جلا في علاه فإن الله لا يؤتى هكذا إنما يجب أن تأتي أبواب الله بأدب وأن تدخل على كل باب بمفتاح مناسب وأن تأتي بالحب والذل والطاعة والخشوع وبين يدي رب العالمين أنوار وأسرار ولا يدخل أحد إلى باب الحضرة الربانية دون هذا السر والمعية المحمدية ولعلنا في لاحق إن شاء الله نحدثكم عن المعية المحمدية أيضا.. فلرسول الله معيات وله من ربه بربه عند ربه تجليات ربانية محمدية هذه معاني أخرى لأن رسول الله له معية... على سبيل المثال عامة لكل مصل عندما تقول السلام عليك أيها النبي الكريم
"عليك " تقال للشاهد الحاضر القريب ..شاهد يشهد وحاضر وناظر وقريب يجب أن يسمعك وأنت تقول له السلام عليك ..
لذالك إن شاء الله سأنشرها بينكم أواخر وآخر التجليات والتدليات القلبية ما دونته منذ حين عن الصلاة ..الصلاة والصلات زلفى وميقات بابها( الله أكبر )ومفتاحها ( السلام عليك أيها النبي الكريم )..الصلاة صلات صلة أنس وصلة قرب وصلة حب وصلة دنو وصلة خضوع وخشوع وعبادة وطاعة وإنابة وتوبة وتذلل هي صلات عديدة زلفة لأنك تتزلف إلى الله تتقرب إليه ومنه معنى المزدلفة وميقات{ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } لها مواقيت معينة محددة وبابها ( الله أكبر) لأن الله أكبر هي كلمة عظيمة عندما تقولها وأنا كان لي محاضرة بعنوان{ الله أكبر } أكبر من كل ماتعلم وأكبر من كل مالا تعلم ..أكبر من عدوك ..أكبر من قوى الطغيان ..أكبر من نفسك أكبر من ذنوبك أكبر من كل شيئ ...لو جئته بقراب الأرض خطايا لأتاك بقرابها مغفرة وهو عند ظن عبده به ...ومفتاحها السلام عليك ..وهل يقول السلام عليك حقا الذين يظنون أنه ميت في قبر وأنه لم يعد له من جاه ولا من وسيلة والذين لا يحتفلون بمولده الذين لا يفرحون به كي يفرح بهم ..الذين لا يحبون أهل بيته الذين يغضبون إذا سمعوا ذكر أهل البيت الذين يناصبونهم العداء الذين يشمتون في قتلهم الذين يوالون قاتليهم وكارهيهم ومبغضيهم ..الذين يستنقصون من قدره الشريف ...هل هؤلاء حقا يقولون السلام عليك ؟
وهل يرد عليهم السلام ؟
هنالك مقام إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر لهم الله
وهنالك مقام لوجدوا الله توابا رحيما
لستغفروا الله ولستغفر لهم الرسول ..ثمة قوم عليهم إسر لا يمحى ذنبهم وثمة آخرون والله مهما كانت ذنوبهم وعيوبهم فإن الله يمحوها ببركة هذا النبي الحبيب الذي له أيضا معية فإذا سلمت عليه في هذه الصلاة أجابك وقال وعليكم السلام وهذا لمن يجربه سيجربه ...بعضهم يبلغ المقام أن يسمعه قلبا وبعضهم يبلغ به المقام أن يسمعه بأذن رأسه ثم من هنالك من يراه قلبا ومن يراه مناما ومن يراه بعين رأسه إذا إنعكست عين القلب وعين الروح على عين الجسد{ قد كنت في غفلة عن هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد } ..وهذا باب آخر لا أريد أن أزيد فيه...وكذا هنالك معية الصلاة على النبي إذا صليت عليه رد عليك الصلاة ..مامن أحد يصلي علي إلا رددت عليه أو رد الله إلي روحي وإذا قسناها بعدد المصلين فالروح مردودة دائما ..وهنالك ذالك الأنس العظيم بالمعية الربانية المحمدية
وهذه المعية الربانية المحمدية مثلا في الصلاة على رسول الله مامن أحد يصلي علي إلا صلى الله بها عليه عشرا ..
طيب أنت تقول اللهم صل وسلم وبارك وعزز وأنعم وأكرم على سيدي ومولاي وحبيبي ونبيي وسيدي وإمامي محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ...الله يصلي عليك في نفس اللحظة والملائكة أيضا يؤمنون ويستغفرون للذين في الأرض وكذالك النبي صل الله عليه وعلى آله يجيبك ويجيبك أهل بيته ..
عندما تقول الصلاة والسلام عليك يارسول الله فأنت لم تأتي بدعا من الأمر لأنك تسلم عليه في صلاتك ..فبابها الله أكبر ومفتاحها السلام عليك أيها النبي الكريم
هذه تصلح أن تكون محاضرة أخرى .
🌸 نسأل الله جلا في علاه أن يتقبل منا وأن يعفوا عنا وهو الذي ستر القبيح وأظهر الجميل ولم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر وهو الذي جلا في علاه تكرم وأفاض وأغدق وأنعم وأجزل وتحنن وجاد ولطف وعطف فكان هذا الكلام وكانت هذه المعاني على مافيها من المباني ومافيها من البيان ومافيها من العرفان وهي كلها من ثمر هذه المحبة من عظيم فضله ولا فضل لنا في ذالك في شيئ أبدا قطعا مطلقا إنما نحن خدم نسأل الله أن لا تزل بنا القدم وأن لا نأتي وادي الندم وأن يعفو عنا ويطهرنا كيوم خلقنا من عدم ...
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.