بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله الذي خلق من طين بشرا و قال له كن فيكون , الحمد لله الذي خلق الحياة و خلق المنون ليبلوكم ايكم أحسن عملا ثم إليه ترجعون , الحمد لله الذي أمره بين الكاف و النون , الحمد لله عدد ما يعلمون من نعمه و عدد ما لا يعلمون , و الصلاة و السلام على إمام المؤمنين عدد المؤمنين و عدد من لا يؤمنون , و عدد الذاكرين و ما ذكر الذاكرون , و عدد الشاكرين و ما لهج به الشاكرون , و عدد العارفين و ما عرف العارفون , و عدد الصالحين و ما تهجد به الصالحون , و على آل بيته الطيبين الطاهرين الذين لا يحبهم إلا الطيبون الطاهرون , و رضي الله عن أصحابه بما صبروا و على الصالحين بما جاهدوا و افتكروا , و على الذاكرين الذين تهجدوا لربهم و ذكروا . الحمد لله الذي أنطق الألسنة بحمده و قرب ذاته لقلوب العارفين فعرفوه و حجبها عن عقول العقلاء فما كشفوه , و دل به من عرفهم عليه , فبالعظمة و الجود و الكبرياء وصفوه , الحمد لله الذي جعل للصالحين دهرا من العمر عليه أوقفوه فكانت اعمارهم على قصرها دهورا , الحمد لله الذي خلق الأيام أعواما و شهورا , الحمد لله الذي كان لذاته خفاء و كان لصفاته ظهور فأيقن به و أجمل به ظهورا. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته , الكلام في مقام الحضرة عن الحضرة يبدأ من أهل الحضرة , و من مقام الحضرة نبدأ بمقامين و بابين : الأول رد على من تجرأ على مقام سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره , إن الله قد حفظ أولياءه بسر أولياءه , و إن الله قد آذن بالحرب من اعتدى عليهم فقال سبحانه و تعالى : من عادا لي وليا فقد آذنته بالحرب . و إن الله سبحانه و تعالى لا يحب من لا يحبون أوليائه و من يعادون اصفيائه و كذلك خلت سنة من حاربوا من قبل أنبيائه , و ورث الأولياء من مقام الأنبياء , و ورث أعداء الأولياء من عداوة أعداء الأنبياء , و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين , فكذلك جعل الله لكل ولي عدوا من الفاسقين , الذين إذا حدثوا كذبوا و إذا عاهدوا خانوا , و إذا وقفوا أمام عظيم من عظماء الله سبحانه و تعالى الذين عظم الله شأنهم نظروا إليهم بعين الإحتقار , فاستمدوا من تلك النظرة فكانوا عند الله حقراء , أما الذين نظروا بعين التعظيم لما عظم الله لما خلق الله فاستمدوا من تلك النظرة فكانوا عند الله عظماء , نعوذ بالله أن نكون عظماء في أعين أنفسنا حقراء في عين الله و نرجوا الله أن نكون كما نحن حقراء في أعين أنفسنا عظماء في عين الله , فأكرم بذلك منزلة . فجزى الله خيرا من دافع عن الشيخ عبد القادر و هو غني بربه و غني بسره و غني بنوره , و الذي يتكلم في و في الصالحين فبشره بعذاب أليم و بشره بخزي عظيم , و بشره بأن الله سبحانه و تعالى سيأتي بنيانه من الأساس , و الذين يعادون ذرية الصالحين فليعلموا أنهم هالكون و لو بعد حين . و ثاني باب أن نترحم على الروح التي حركت الأرواح و على هذا الطفل الذي كان يوسف في بئر , و لكن الله لم يكتب له ما كتب ليوسف أن نبأهم بأمرهم و هم لا يشعرون , و أن جعله سجين العزيز ثم جعله عزيز مصر , لعله يكون في حضن سيدنا يوسف الآن , فنسأل الله أن يكون عزيزا في الجنة , و أنه أيقظ فينا شيئا كان نائما في ضمائر هذه الشعوب , أن يخرج الله هذه الأمة من بئر الجهل و بئر النسيان و بئر ظلم آل بيت النبي و استنقاص قدرهم و مزاحمة مقامهم و بئر محبة أعداء الله و رسوله و آل بيته , و بئر الشبهات و بئر الأفاقين و الكذابين و الخوانين و أدعياء الدين الذين يتكلمون كلام الفقهاء بألسنة الأنبياء و قلوبهم قلوب الأشقياء , أو كما قال الذي رد على ابن زياد عندما قال الحمد لله الذي مكننا من الباغية ابن الباغي الحسين بن علي , قال تقتلون أبناء الأنبياء و تتكلمون بألسنة العارفين . لذلك نسأل الله سبحانه و تعالى له الرحمة و نسأل الله سبحانه و تعالى لنا الرحمة , إنما الحياة ساعة و إن ذلك الطفل في مقام الجوع و مقام الخوف و مقام الظمأ و مقام الإنتظار , إن الله سبحانه و تعالى كتب عليه ذلك , فما كان بشر يستطيع , و لعل الله علم هذا الإنسان أنه مهما قدر فهو غير قادر, و أنه إذا جاء أمره بشيء و قضاه لا يمكن لأحد أن يغير ذلك مهما أوتي من قوة و مهما أوتي من قدرة و مهما اجتمع الناس على ذلك , و لو شاء إنقاذه لأنقذه بأهون ما أراد , و إن هذه الأمة القابعة في هذا البئر تنتظر لعل الله يبشرها بمولود يولد من رحم هذه المأساة فلا ينسينا ذلك أبناء الشام الذين قتلوا و شردوا و الذين ينامون الآن في العراء و البرد , و لا ينسينا ذلك , ذلك الرضيع الذي ألقاه البحر ميتا بعد أن حاول أهله الهروب من جحيم الحرب و التكفير , و لا ينسينا ذلك ابناء العراق و لا أبناء اليمن الذين يموتون من الجوع و القصف و الحرب, و لا ينسينا ذلك ابناء إفريقيا ’ مآسي الصومال التي قدم حاكمها منذ مئة عام المساعدة المالية للحجاز و أنفق على كسوة الكعبة , و جاء العدو فانتهبها و سرق ذهبها و أشعل فيها حربا و ألهبها , و أدخل عقائد التكفير حتى كان ما كان في أرض إفريقيا التي ينام أهلها من الجوع و الفقر و تحتهم كنوز الأرض و كنوز العالم كله , أثرى أرض بأفقر شعوب , فنسأل الله سبحانه و تعالى أن ينظر إلينا بعين الرحمة , و أما كلامنا اليوم فسيكون عن مقام الحضور و الشهود , لم نتدبر ذلك بإعمال عقل إنما انتظرناه انتظارا و لم نتفكر فيه افتكارا , مقام الحضور و الشهود , فأما مقام الحضور فهو على سبعة مراتب : أولها حضور نور الله و سر الله و اليقين بأن الله قريب منك , و هذا مقام يستشعر فيه المؤمن مهابة عظمة ربه فيتقيه , و جمال ذات ربه فيلتقيه , و يرى بذلك صراط الله جليا فيرتقيه , إن استحضار هذه الحضرة العلية و الأنوار السنية البهية يكون بمراتب و أبواب و نحن أقرب إليه منكم و لكن لا تشعرون , نحن خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن أقرب إليه من حبل الوريد , ما من نجوى إثنين إلا و هو ثالثهم , الله سبحانه و تعالى قريب من كل قريب , و كنا دونا من قبل في كتابنا الياقوت في أسرار الملكوت منذ أكثر من خمسة عشر عام علما سميناه علم الخيط الرفيع , و يدور هذا العلم في أمثولة أو مثل و الله قد ضرب مثلا في القرآن الكريم و علمنا أن نضرب الأمثال , أن الله سبحانه و تعالى يوحي لملك الرياح ليحرك الريح , فيحرك ملك الريح يداه بطاقة أودعها الله فيه فتتحرك الريح بأمره ’ فتحرك الريح غصنا , فيحرك الغصن ورقة , فتحرك الورقة قطرة ماء كانت عليه و عليها , على الغصن و على الورقة , فتسقط قطرة الماء على الأرض فتحرك بذرة كانت ميتة أو نائمة في التراب و ترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من كل زوج بهيج , فتنمو تلك النبتة أو تتحرر , في مقام هذا الخيط الرفيع إن الله أقرب إلى الملك من نفسه و أقرب الى الريح من الملك , و أقرب إلى الغصن من الريح و أقرب للورقة من الغصن و أقرب للقطرة من الورقة و أقرب للبذرة من القطرة , فهو أقرب من كل شيء إلى كل شيء قرب علم و سر و نور و حضور ذات و ليس قرب حلول ذاته في المخلوقات , إنما ذلك من وصايا العارف بالله سيدي عبد السلام بن مشيش الحسني رضي الله عنه لتلميذه سيدي أبي الحسن الشادلي قدس الله سره إذ قال له يا علي لن يكتمل إيمانك حتى تعلم أن الله فوق كل شيء و حول كل شيء و بين كل شيء و كما أدخلك يخرجك , أي كما أدخلك هذا المقام يخرجك منه سالما بعونه فلا يدخله أحد إلا بإذنه و لا يغادره إلا بأمره . فعلم الخيط الرفيع من علوم الحضور أن نستشعر جميعا حضور الله معنا في هذا المجلس , حضور ذاته بالعلم و الحكمة و القدرة , و أنه سميع بصير, و أنه أقرب لكل منا من حبل الوريد , و أنه مطلع علينا بما لا نعلم عن أنفسنا فلا يرى أحنا قلبه و لا يرى أعصابه و لا يرى خلاياه و أن الله قادر على ذلك و أن الله يحول بين المرء و قلبه و أن الله بصر أقواما دون قرب مكان كما بصر أويس القرني بسر النبي و حجب أقواما على قرب مقام كما حجب أبا جهل عن رسول الله و هو يراه بعينه و لا يراه بقلبه , لهم أعين لا ينظرون بها , و لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها , موتى و لكن الموتى أسمع منهم , كالأنعام بل هم أضل سبيلا , فهذا أول باب في الحضور أن نستشعر الحضور الرباني فإذا استشعرنا ذلك ذكرنا من حضرنا , فإذا ذكرناه اطمئنت قلوبنا , ألا بذكر الله تطمئن القلوب , فإذا اطمئنت قلوبنا رضي محبوبنا , فإذا رضي محبوبنا تفكرنا في عظيم ذاته و جميل صفاته و آياته في مخلوقاته , و صدقنا بكلماته , فنظرنا نظر اللذين قالوا يتفكرون في خلق السماوات و الأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك , فنذكر الله ذكرا كثيرا و نتفكر في كل شيء و في أنفسنا و في أنفسهم , و في أنفسكم أفلا تبصرون , نتبصر و نبصر في هذه الأنفس و هذه الذوات و هذه الذرات و هذه العوالم و الملكوتات , إن غياب حضور الله عند كثير من الناس سبب هذه المآس , إن غياب استشعار حضور الحق جل و علا في مقام الجمال جعل جمالات الدنيا على زيفها تسبي القلوب و العقول فيرى الناظر جمال المخلوق و ينسى جمال الخالق , و إن عدم استشعار قوة الحق جل و علا جعلت الذين آتاهم الله بعض القوة على وهم التملك و وهم القدرة يصيبهم الغرور بتلك القوة , و أما عاد فعتوا و استكبروا و قالوا من اشد منا قوة , أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة , و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه, ذلك القوي العزيز, و إن استشعار ذات الله بالجلال تلقي في القلب مهابة حتى يكون كحال سهل ابن عبد الله التستوري و سري السقطي عندما قال الخال لابن اخته ردد : الله ناظري , الله شاهدي , الله معي , ثم قال رددتها زمنا فلما استشعرتها قال : من كان الله ناظر إليه و شاهده و معه أفيعصيه , فلا تعص الله أبدا , كيف تعصيه في ملكه و قد اطلع عليك , إن استشعار هذه الحضرة و هذا الحضور العظيم يجعلك في مقامات عظيمة , إن استشعار قدرة الله جل في علاه يهون عليك مصائب الدنيا إن لم تكن فيها شيء إلا من عظيم قدرته , فهو الذي يسلط عليك ما شاء و يسلطك على ما شاء , فقد يسلط عليك ما هو أدنى منك كقوة و قد يسلطك على ما أنت أدنى منه قوة , كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله , فالله سبحانه و تعالى يريك عجائب قدرته فيك عليك و عليك فيك , فيك عليك في نفسك إذ تغلبك , و عليك فيك في قلبك إذ يغلبك , و قد يعكس الأمر فتغلب قلبك و تغلبك نفسك , فأنت سلاطين و أنت عوالم تتصارع في داخلك , عقلك يصارعك و يقارعك الحجة و قد يقارعه الوهم , و قلبك يغلبك بالحب و قد يغلبك بالشوق و قد تغلبه بالنسيان , و نفسك تغلبك بالنزغ و قد تغلبها بالتذكرة , و هذا كله من مقامات قدرة العزيز القدير في مقعد صدق عند عزيز مقتدر . و أما ثاني مقامات الحضور فاستشعار حضور الأرواح العظيمة و الملائكة الكريمة التي تحفنا , فإن الله لم يجعل هذا الخلق مشاعا هباءا , إنما أحاطه بمحكم أمره و عظيم سره فلم يجعل مخلوقا من عالم التكليف إلا و قد أحيط بمخلوقات من عالم الأمر , ما تلفظ من قول و ما تنطق ببيان إلا و عليك رقيب عتيد , له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من أمر الله , و أيدناه بجنود لم تروها , و ايده بجنود لم تروها , بعد أن أنزل سكينته عليه , هذه الآيات و غيرها تثبت و جود ملائكة لله يعملون بأمر الله بعضهم عملهم رقابي يسجل أعمال الخير و اعمال الشر تسجيل صورة في ثلاثي أبعاد لا تسجيل كتابة , و بعظهم الآخر دوره حماية و وقاية و آخر مكلف بالأرزاق , و آخر يحصي عليك الأنفاس و يعلم متى يأتي الأجل , و أخر صديق لك من عالم الروح يقارنك في عالم في عالم الدنيا يسكن في صدرك في ضميرك , و على ذلك حضورات أخرى لأرواح عظيمة من سر الله تأتي و تتنزل بأمر الله , لعل مجلسا من مجالنا يحضره أحد كبارهم فيستغفر لنا , إن استغفار الملائكة و ملائكة العرش لمن خلق الله في عالم مقام التكليف لا يعني فقط أن استغفارهم في مقام العرش بل يستغفرون في مقام الفرش بالتنزل, و ما نتزل إلا بأمر ربك , هذا التنزل تكون فيه حضورات و عطاءات فلعل مجلسا تحفه ملائكة تحف مجالس العلم و الذكر يستجاب فيه الدعاء بجاه و وسيلة أولئك. لإاول حضور حضور الله , و ثاني حضور حضور ملائكة الله . و ثالث مقامات الحضور هو حضور السابقين من الذين التحقوا بالرفيق الأعلى , فإن للأنبياء خطرات و إن للصالحين خطرات , و هذه الخطرات قد تكون مع ساعة الإستجابة ,فإن ساعات الإستجابة يحضرها هؤلاء القوم المكرمون, و تقول لي من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون و أقول لك إن ذلك على الذين ظلموا, أما الذين آمنوا , الذين ظلموا في سجين فلا يخرجون من السجن, و الذين أنصفوا و بروا و صدقوا في عليين ينزلون بأمر ربهم , تتنزل الملائكة و الروح فيها , هذه الأرواح العظيمة الكريمة تخاطب هذا العالم , شاهد ذلك أن الشهداء هم أحياء عند ربهم يرزقون يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم , و يقولون لهم لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون , فالله سبحانه و تعالى بشرنا بذلك و أن المؤمنين و الذين اتقوا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الحياة الدنيا و الآخرة , فالملائكة أولياء لنا يتنزلون في مثل هذه المجالس و في غيرها من مجالس الأنس بالله و حضور سر الله و كذا الأنبياء , فإذا جلست في مقام تصلي فيه على الحبيب المصطفى بإخلاص نية و سلامة طوية أبشر بحضور المصطفى و المعية , تلك المعية الربانية العظيمة التي يكون فيها جبريل و إخوته , لأن مقام محمد أعظم و يكون فيه إبراهيم و إخوته لأن مقام محمد أعظم , و يكون فيه علي و ذريته و زوجته لأن مقام محمد أعظم , فإذا بشرنا بحضرة الحبيب المصطفى معنا فقد بشرنا بحضورات و حضورات و حضورات , ثورت حبورات و مسرات , إن حضور الحبيب المصطفى في قلوبنا و ألسنتنا دليل على حضورنا في قلبه و لسانه , إن حضور المصطفى صلى الله عليه و على آله مع آله بجماله و كماله و جلاله و صدق حاله في قلوب عياله دليل على حضور عياله في مقاله و حاله و جماله و كماله , فإن الأمر بالمرآة معكوس , ما ذكرت الحبيب إلا و قد ذكرت من الحبيب , و ما نطقت بحب الحبيب إلا و قد سبقك الحبيب بالنطق بحبك, و لا همت بجمال من لم تر عينك إلا و قد هام بالجمال من رأتك عينه , فإنه يرى فيك جمالا من جماله كما ينظر القمر إلى مرآة عكست نوره فيحب ذلك الإنعكاس , أو كما تنظر إلى صورة رسمها لك رسام هي دون ما جملك الله به , فيعجبك ذلك الرسام و ذلك الرسم , فإننا مرايا تعكس نور محمد , إننا مرايا تعكس حضور روحه العظيمة , و ذاته الكريمة التي جعلت لنا قيمة و لم يكن لنا من قبل قيمة , إنه يخصب النفس العقيمة فتنجب هذه الأنوار و هذه الأفراح و هذه المسرات العظيمة, إن رسول الله له حضور و له خطرات على قلوب العارفين و المحبين فإذا تجلت حضرته و إذا تدلت نظرته و إذا تبدت في وجوه المحبين نظرته كان الأمر معروفا معلوما لأهل البصائر و الضمائر إذ يسمعون البيان فيعلمون أن هذا البيان ازدان بحضور ذلك العظيم الكريم , و أن هذا الكلام تزين و توشى بذات ذلك النبي العظيم و أن هذه المحبة ما كانت لو لم يكن أصلها قلبه , و لم يكن منشأها صدره و أن هذه النظرة في العلم و البيان ما كانت لتكون لو لم تكن من عقله الكامل , فإن نقصنا يحجبنا عن كمال السر إلا به صلى الله عليه و على آله , فبحضور الحبيب المصطفى تحضر فاطمة فإذا حضرت فاطمة وقينا النار الحاطمة , و بحضور المصطفى تحضر آمنة فإذا حضرت آمنة كانت فينا ضامنة , و بحضور المصطفى تحضر خديجة فإذا حضرت خديجة حسنت منا النتيجة , و بحضور المصطفى يحضر عبد الله فإذا حضر عبد الله رضي عنا الله , و بحضور المصطفى يحضر أبو طالب فإذا حضر أبو طالب حققت لنا المطالب , و بحضور المصطفى يحضر علي فإذا حضر علي ظهر السر الجلي و حضر معنا كل ولي , و بحضور محمد يحضر الحسن فإذا حضر الحسن أنبتنا الله نباتا حسن و رزقنا الرزق الحسن و ذكرنا عنده الذكر الحسن و آوانا في مقعد الحسن مع الحسن , و إذا حضر الحسين قرت العين بطه الزين جد الحسنين, و كنا في مقام السر اثنين, هو هو و نحن نحن , فعشنا في مقام الشهود فمقام الشهود أن تشهد المعبود و مقام الشهود أن ترى في الجود عين الجود و في القبض عين الجود , و مقام الشهود أن تفنى في حب محمد أحمد المحمود , و مقام الشهود أن يتجاوز سرك هذا الوجود , فتعلم أنه لولا سيد الوجود ما بقي للوجود من وجود , فإن وجود ذاته دليل على استمرار هذا الوجود و إن استمرار هذا الوجود دليل استمرار ذاته في الوجود , ما مس الموت منه إلا غطاء الجسم أما الروح فحاضرة ناظرة , و إنا في هذا المقام لولا أن شربنا من كفه خمرة ما نطقنا, و لولا أن نظر إلينا ما تكلمنا , و لولا دمه الذي يغلي في العروق ما كان لهذا السر من شروق , إنما هي الرعود و البروق و أمطار الحقوق , حقوق محمد علينا و حقوق آل بيته , نسأل الله أن نكون من أهل الحقوق لا من أهل العقوق , و نعوذ بالله من أهل العقوق الذين دعا عليهم رسول الله في خم فقال و هو يمسك بيد علي : ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه و عادي من عاداه ,و انصر من نصره و اخذل من خذله , قد خذل من خذله و عادا الله من عاداه و استجاب الله لنبيه , اللهم اجعلنا ممن يوالي رسول الله و يوالي عليا و يوالي آل البيت و يوالي الصالحين و يوالي من والاهم و يعادي من عاداهم و ينصر من نصرهم و يخذل من خذلهم , إن ذلك مقامنا عند ربنا , فقد تكلمنا في ثلاث مقامات للحضور أولها حضور الرب جل في علاه و هو الحاضر دائما الناظر دائما , فأما حضوره في بقية الناس فإنه حضور الجلال و القهر و هو القاهر فوق عباده , و أما حضوره عند صفوة الناس فهو حضوره بالقرب و هو حضوره بقوله : أنا عند ظن عبدي بي و أنا معه إذا ذكرني و لو أتاني بقراب الأرض خطايا لأتيته بقرابها مغفرة , حضوره مع المحبين حضور المشفق , حضوره مع نبيه إبراهيم قلنا يا نار كوني بردا و سلاما , حضوره مع نبيه موسى رضيعا يلقه اليم على الساحل , حضوره مع موسى كبيرا إني معكما أسمع و أرى , إن معي ربي سيهدين , حضوره مع يونس في مقام البلاء لا إلاه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين , أن علمه و أدبه , حضوره مع عيسى أن آتاه السر و أنطقه في المهد و رفعه بعد ذلك و خلصه و أخلصه , حضوره مع مريمته مع محبوبته مريم حضور جمال و تكلمت الملائكة مع مريم يا هل ترى إن تكلمت الملائكة مع مريم و هي أم عيسى ألم تكلم الملائكة آمنة و هي أم محمد , و محمد أشرف و أعلى قدرا , فلا تعجب إن كلمت الملائكة بعد ذلك مريما , لا تعجب إن تكلمت الملائكة بعد ذلك مع آمنة و إن كلمت آمنة فما يحجبها عن خديجة , و من يحجبها عن فاطمة , و من يحجبها عن الوليات العابدات القانتات الصالحات المؤمنات العفيفات الطاهرات الصديقات الوليات المنتجبات اللواتي أنجبن الصالحين و الصالحات و اللواتي مضين إلى الله بالمكرمات و اللواتي سابقنا في الخشوع مع الخاشعين و الخاشعات , و أقبل إلى الله مع القريبين من الذات و عين الذات , إن الله ذات و إن محمد عين لتلك الذات , جمال لتلك الذات, فمقام الشهود هو مقام بعد حضور و مقام الحضور كما ذكرت أول الدرس سبعة مقامات ذكرنا منها ثلاثة: حضور الذات العلية جل في علاه, و حضور الملائكة و حضور الحبيب و أما ما تبقى منها فحضور الرواحين فذلك مقام حضور , و حضور الرواحين يعني حضور ملائكة من الله تسمى الرواحين هم بين الملائكة و الجن و الجان , لهم خصائص معينة محددة ذكرناها في علم القرين يقارنون البشر وهم يسكنون في الضمائر, يمكن أن نفردهم بمقام حضور الروحان و لهم ثقل في الحضور ليست كالملائكة , الملائكة أخف من حيث الكم , هم مضغوطون أكثر , و أما الحضور الموالي فهو حضور الأولياء الصالحين , إن لعبد السلام حضرة , و إن لعبد القادر حضرة و نظرة و إذا حضر هؤلاء حضر معهم أجنادهم و حضرت معهم بركاتهم و حضرت معهم أنوارهم و أسرارهم , و أما ما بقي من الحضور فحضور الجن , و إذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن , فلما حضروه قيل أنصتوا , فلما حضروا و ذكر لفظ الحضور هنا , فكذلك يحضرون في مجالس الإنس و يطلعون عليها , يحضر الصالح و الطالح , فإذا حضر صالح مقام الطالحين دعا عليهم , و إذا حضر طالح مقام صالحين أراد حربهم و لا يكون الأمر إلا بحضور من يتلائم مع من يتلائم , فيغلب العنصر على العنصر , بمعنى أن إدامة الصالحين مجالس الذكر يجعل حضور الجن الصالحين فقط و تتولى الملائكة إبعاد الطالحين , و حضور الصالحين من الجن مجالس الطالحين ليطلعوا عليها و يشهدوا عليهم لا شك أنهم بعد فترة يتركونهم إلى الشياطين تحضر مجالسهم, و آخر مراتب هذا العلم هو في قوله سبحانه و تعالى : و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون. فإن الشياطين تحضر أيضا و لها حضور , حضور بالوسوسة و حضور في مقام الوسوسة و المس و الخنس , أما مقام الوسوسة فهو إغار في الصدور , و أما مقام المس فهو إيغال في الظهور , و أما مقام الخنس فهو نفاق في الحضور, فأما الذين هم في مقام الوسوسة ففي طي صدورهم حسد, و أما الذين هم في مقام المس يهتز منهم الجسد, و أما الذين في مقام الخنس ففي أعناقهم حبل من مسد , لأن أخطرهم الخناسون , الجواري الخنس , الخنس الجواري الكنس , خنس أي تختفي في أعماق البحر , تكنس البحر , تكنس المحيط و يدوم طوافها تحت المحيط ألف سنة كل دورة , هذه التيارات السفلية في البحر , و هم أمثالها في الطبقات التكتونية للأرض تتحرك ايضا , و أمثالها في طبقات أخرى في الجوف , مما يحرك الحمم و يبدل أماكنها و يحرك الماء و يحرك الهواء في بطن هذه الأرض , أما الكواكب التي ماتت توقفت حركاتها التكتونية , فمقام الخنس إذن هو اختفاء , الوسواس الخناس ,الوسواس يوغل في الصدور , يتكلم , و المس كالذي يتخبطه الشيطان من المس , يضرب و يصرخ , عدو ظاهر , و الآخر عدو ماكر , أما الأخطر فهو العدو الخناس , المنافقون , الذي يعطيك من طرف اللسان حلاوة و يروغ عنك كما يروغ الثعلب , إذا عاشرت عاشر طير حر , يرقى بيك إلى فوق السحاب , أوصاف الصقر الي بيها انشهر , نزيد عليها حبه للصعاب , ما هو كيف نوع من البشر , ليه أمنية كانش عالخراب , مثل اللفع في ملمس يسر , و هو الموت من تحت النياب , الله الله يا قهرت الحر الي دا طاح في صحبة كلاب . كما قالت القصيدة البدوية الليبية, لحفظناها منذ زمن , فمثل اللفع في ملمسه يسر , كالأفعى ملمسها ناعم و الموت في أنيابها , فيخلص الشيطان فيه , فإذا كان مقام الحضرة و النظرة و جلس مع أهل الحضرة و النظرة من عنده شيطان خناس , أغلقت الحضرة أبوابها , و صرفت أقطابها , و جمعت أحبابها , و سكرت بابها , و وضعت حجابها و أرسلت عذابها , فيا لهذه النفس ما أثابها , و ما أتى بها , لما تأتي لمجالس الصالحين إن كنت تخفي طوية في نفسك , أتخادعه ’ لذلك ننصح اهل مجالس الأنس و مجالس الحضرة و المنارة لا يجلسن فيها إلا من كان قلبه محبا للصالحين منكسرا بالمحبة و خضوع المذلة بالحب لا من في نفسه شيء من خنس , فإنهم مطلعون عليكم , إن لم نطلع عليك فإنا سلمنا أحوالنا و أموالنا و أقوالنا إلى رب العالمين و أهل الحضرة , و أن لا يجلس مجالسنا هذه من لا يحب محمدا, و لا من يدعي حبه و هو يكرهه , و تقول لي هل هنالك من يكره رسول الله من أهل الإيمان و الشهادة ؟ أقول لك نعم إذا مدحت النبي مدحوا معك , و إذا حدثهم عن رسول الله في غار حراء قد يبكون و لو انك مضيت تحدثهم عن وحشي عندما ضرب كبد حمزة و كيف شقت هند كبده و لاكتها و كيف وضع أبو سفيان رمحه بين شدقي حمزة و قال اليوم اليوم يا أبا عمارة , فرحوا و قلت لهم إن وحشي قتل خير الناس و سر الناس و مضى إلى ربه بالصفقة المنتظرة , قتلت لك حمزة و قتلت لك مسيلمة و هذه بهذه , سيفرحون , و لو قلت ثم أخد رسول الله يد علي و قال للصحابة ما أنا فيكم قالوا أنت مولانا , قال الله مولاي و أنا مولى كل مؤمن و مؤمنة , ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه , بغادرون المسجد, لو قلت لهم فاطمة غضبوا, لو قلت الحسن و الحسين ارتكبوا بأنفسهم جرائم الهجر و القطيعة , لو قلت لهم كربلاء , قالوا هذا شيعي انتهى الموضوع , نطرده من نادي السنة , و كأن السنة قامت على النصب , ألم يقل الشافعي :من مبلغ عني الحسين رسالة و لو أنكرتها انفس و قلوب , يصلى على المختار من آل هاشم و يغزى بنوه إنا ذا لعجيب .و نحن في تونس ايضا و هم يوقعون المواثيق و سنرد على المواثيق بمواثيق , و هم يتقحموننا بالبهائمية ثورا و القضيانية حينا , و الشدود احيانا و الوهابية أحيانا و التشيع الشيرازي أحيانا أخرى و نحن نعلم ما لا يعلمون , نقول لهم هذه البلاد لها مدرسته و لها سرها و لها نورها , و قام عليها أقطاب من أهل البيت و أقطاب من الصالحين و أقطاب من ذرية النبي, نحن منهم و كان وليها و قطبها في وقته في القرن التاسع عشر في زمن حمودة باشا الذي جمع بين مشيخة الجامع الأعظم و القضاء و لم تجمع لأحد قبله و بعده, و الذي سماه الخضر حسين و هو أول أجنبي عربي يؤتى مشيخة الأزهر الخضر حسين التونسي سماه بسلطان العلماء الثاني بعد العز ابن عبد السلام , ألا و سيدي ابراهيم الرياحي , و الذي كان نائبا للباي أرسله في مسغبة إلى السلطان مولاي سليمان في المغرب و أرسله في أخرى الى الآسيتانة في الباب العالي و كان من أدخل الطريقة التيجانية الى تونس سيدي إبراهيم الرياحي الحسني ,له قصيدة في كتابه : تعطير النواحي في مناقب سيدي ابراهيم الرياحي .و تمت كتاب لإبراهيم الرياحي للكاتب : الصديق أحمد الشريف , تجدون هذه القصيدة في التوسل بالأئمة الإثنا عشر و يقول فيها : إلاهي قد سألتك بالنبي, و فرع الطهر بالحسن الولي , بمولانا الحسين و و من قد اضحى قتيلا من يد الشمر الشقي, حتى يصل للمهدي بعد العسكري, بعد الكاظم , بعد الرضا, بعد الهادي , حتى يصل إلى قوله أدم لي حب آل البيت حتى أموت عليه بالعهد الوفي. و نحن لسنا أعداء لآل بيت النبي و ليس ذكر آل بيت النبي فينا علامة خروج عن مدرستنا , و كذلك تلميذه الوزير و العالم و المؤرخ الكبير و الذي هو مصدرنا , أخذ عنه حسن حسني عبد الوهاب و غيرهم ممن كتب عن تاريخ تونس خاصة تاريخ البيات , كان وزيرا و كان مصلحا و كان تلميذ سيدي ابراهيم الرياحي و كان هذا الرجل أريد منه أن يكون خليفة ابراهيم الرياحي و رفض في الفقه و العلم , أحمد ابن أبي الضياف كتابه كتاب الإتحاف , إتحاف أهل الزمان في أخبار ملوك تونس و عهد الأمان , يقول ما نصه : و حب علي و آله دارج عند أل افريقيا , يشترك في ذلك كبيرهم و صغيرهم و عالمهم و جاهلهم حتى أن نسائهم عند طلق الولادة ينادين يا محمد يا علي , فهذا بيان و قد أنصف الرجل الدولة الفاطمية حتى قال و المعز لدين الله الفاطمي ذرة هذا القطر, و نسبه إلى رسول الله ثابت و ما أنكره عليه العباسيون محض حسد , و ذكر كيف جائته قبائل كتامة و كيف كان يجلس على جلد شاة و علمهم ثم مضى إلى مصر يؤسس فيها القاهرة . لسنا أهل عقد مذهبية و لكن البهائية ابتدعها رجل يسمى نفسه البهاء ميرزا و هذا الغلام كان عند رجل اسمه الباء دجال آخر في العراق و كانت معه امرأة قالت أنه المرأة يجوز أن تتجوز بسبعة و هذا مدون في كتبهم و قاموا بقتلها بعد ذلك و لما ماتت دفنهم العدو الصهيوني عنده في حيفا , إدعى النبوة و أن روح المسيح حلت فيه و أن روح محمد حلت فيه و أنه هو المهدي المنتظر و أنه رسول بعد رسول الله و يقول الله أبهى , و كذلك القدياني قامت في 1853 ثورة كبيرة في الهند و باكستان قادها المسلمون و المناضلون المسلمون و ظهر منهم بعد ذلك شوكت علي , و كان أكثر باعا من غاندي , فلما قامت هذه الثورة وجدت ابريطانيا نفسها محرجة فأخرجت له من ميرزا غلام أحمد القدياني الذي ادعى النبوة و روح المسيح حلت فيه و أن روح محمد حلت فيه و أن هو المهدي المنتظر , حتى نعلم أن صانع الدينين المزيفين واحد , و أمرهم بالخنوع و الخضوع و الطاعة لولي الأمر, و كنت قد ناظرت كبيرهم الآن في أرض العدو الصهيون في برمانج ألم على قناة الميادين فبهث الذي كفر , يدعون أنهم أنبياء بعد رسول الله و لهم كتاب اسمه الأقدس و هم لهم وجود كبير في تونس و في الجزائر يحاولون و يخترقون هذه الأمة فنحن لا مشكل لنا مع اليهود بل مع الصهيونية , و لا مع المسيحية بل مع الإنجيلية المتطرفة , و لكن أولئك لا نريدهم , نعم الدولة المدنية تضمن و لكم هذه الدولة له دينها و لها بابها و لها مدرستها , و نرجو و نهيب بوزارة الشؤون الدينية و بكل القائمين على هذا الشأن أن يقوا المجتمع هذه الويلات , إن إفساد العقيدة يؤدي بعد ذلك إلى الإرهاب و التفجير و القتل و الخلاف و التمزق المجتمعي , فهذا أيضا مقام حضور , مقام حضور لب و ضرابة و نظر في هذا الواقع و سوف نقوم بالرد الفعلي لا رد فعل , ليس لنا رد فعل بل رد فعلي إن شاء الله , نحن واقفون في هذه البلاد و واقفون لهذه البلاد و يقف معنا أسياد هذه البلاد الذين هم معنا في مقام الحضور و مقام الروح و يقف معنا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في مقام الشهود و مقام الإخلاص إن شاء الله , لذلك جزى الله خيرا كل من سمع فوعى و للعهد رعى و في الخير سعى و جزى الله خيرا من فهم عنا و أخد منا و جزى الله خيرا من أعاننا بما أراد و بما استطاع و ما استطاع و ما أراد إلا بفضل الله عليه , فإن صحبتنا تشريف و إن أمانة تلك الصحبة تكليف و إن القدرة على تلك الصحبة تصريف , فكما قلنا من قبل يا ابن آدم إن تشريفك في تكليفك فاخرج من فرح التشريف الى هم التكليف , نسأل الله أن يقي بلادنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن و أن نعتني بوحدة الفكر و المذهب و الرأي , و أن لا نكون في حال من الصراع و النزاع , لا ينازعنا أحد في حب رسول الله و لا في حب آل بيت رسوا الله , و لا ننازع في حب الصالحين و لا نفرق بينهم , و نحب هذا التراب و نحب لكم الخير و لنا الخير , و حيا الله من سمعنا لأول مرة بث مباشر في دروس الفتح المحمدي من هنا , من هذه المنارات و البشارات و الإشارات و العبارات و المطارات الربانية و الأنوار الرحمانية وجزى الله خيرا الحاضرين معنا من مختلف طبقات الحضور و عوالمه كما ذكرنا لكم , و صلى الله على صاحب النظرة و النظرة , و صاحب الخمرة المسقية من يد فاطمة النقية و صلى الله عليه و على آل بيته و على البقية , حجة الله المهدية , التي جعلها للصالحين في آخر الزمان هدية , اللهم صل على محمد صلاة يرضى لها محمد و صلي على محمد صلاة يفرح بها سيدنا محمد و صل على سيدنا محمد صلاة تبلغ الآن سيدنا محمد فيصلي علينا كما أمرته و قلت له و صلي عليهم , فتكون صلاتك عليه ما علمت و صلاتنا عليه ما لا نعلم و صلاته علينا رحمة و ما لا نعلم , فإنا نقول لفظا و لا ندري ما السر و إنك أعلم يا رب العالمين و صل على فاطمة و علي و الحسنين و على أصول رسول الله و فروعه و على الصالحين أجمعين و صل اللهم علينا بما صليت علينا فإننا من آل بيت النبي صلاة أنس و محبة و رحمة , هو الذي يصلي عليكم و ملائكته و اجعلنا اللهم من خير البرية الذين آمنوا و اتقوا و في مقامات الحق و النور ارتقوا و ارضى اللهم عن أصحاب رسول الله الخالصين المخلصين الثابتين المثبتين و سلم اللهم على عبادك الصالحين و على الأنبياء قبل ذلك و المرسلين و على ملائكتك الساجدين العابدين الراكعين و على الشهداء و الصدقين من العالمين و ارحم اللهم من انتقل اليك من آبائنا و أحبابنا و اجعل اللهم لنا في بيت المقدس صلاة و في الركن و المقام موعدا و في مدينة حبيبك عند مقامه الأنور الأزهر حضورا و تشريفا يسقبلنا فيه استقبال الروح للروح و ننظر بأرواحنا إلى جمال وجهه و جمال سره و اقبضنا اللهم و نحن ننظر إلى عين رضاك و تنظر عين رضاك الينا و اقبضنا اللهم اليك لا مغاضبين لملك الموت و لا غاضبا علينا , الذين تتوفاهم الملائكة طيبين و اجعل ملائكة منك تتنزل علينا فتقول لنا أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الحياة الدنيا و في الآخرة و اجعلنا اللهم في قلب و عيني رسول الله و في قلب و عيني فاطمة و في قلب و عيني علي و في قلب و عيني الحسن و في قلب و عيني الحسين و في قلب و عيني و سر الأصول و الفروع يارب العالمين و احشرنا اللهم مع النبيين و الصدقين و الشهداء و الصالحين و اجعلنا اللهم في أعلى عليين و في جنات الفردوس برحمة منك يارب العالمين , فإن أعمالنا قاصرة و إن أحوالنا ناقصة و إنك يارب العالمين تعطي على كمال ذاتك لا على نقصان مخلوقك و إنك تعفو عفو القدير و إننا نذنب ذنب الضعيف , فبحق قدرتك على ضعفنا و بحق علمك على جهلنا و بحق إحاطتك بنا و عدم إحاطتنا بك إلا رحمتنا و غفرت لنا و نظرت إلينا بعين الرحمة , اللهم و بارك في هذه الأرض و احفظ اللهم السرو العرض و ارحم اللهم ذلك الطفل الذي مضى اليك من خوف و من جوع فأطعم اللهم جوعه وآمن اللهم روعه و كفكف اللهم دموعه و أوقد اللهم في جنات عليين شموعه مع إخوة له من أطفال عراقنا و يمننا و شامنا , اللهم يارب العالمين و اجمعهم مع شهيد الطف و ذريته الذين مضوا إليك بشهادة لا إلاه إلا الله محمد رسول الله , اللهم رب العالمين أرحم الراحمين أظهر حجتنا و اعل رايتنا و حقق غايتنا , اللهم حققنا بسر كلماتك و آياتك و جميل ذاتك و عظيم صفاتك و أرنا يارب العالمين شهود حضورك في مخلوقاتك و كائناتك و ملكوتك و اجعل اللهم الحياة لنا زيادة في كل خير و اجعل الموت لنا راحة من كل شر , اللهم إن أحييتنا فأحينا محبين و إن أخذتنا إليك فخذنا إليك محبوبين اللهم إن أحييتنا فأحيينا ذاكرين و إن قبضتنا فاقبضنا عندك بالخير مذكورين و اجعل اللهم أمرنا هذا أمرا مشهورا مذكورا و اجعل ذنبنا مستورا مغفورا و انقلنا من حال النقص الى حال الكمال و من حال الضعف إلى حال القوة و من حال الفقر على حال الغنى و انظر اللهم نظرة إلينا تمحو حوبنا و ذنوبنا و انظر اللهم نظرة إلينا نرتقي بها إليك و تجلبنا إليك كما جلب خضرك عرش بلقيس أمام عيني سليمان لم يرتد إليه طرفه , فاللهم اجعلنا إليك مجذوبين بسر الحضرة فإن سعي أقدامنا سعي ضعيف و إن جبل عزتك جبل منيف جئناك بسيدنا محمد الشريف , شريف الذات و الصفات و الآباء و الأمهات أن تقبلنا عندك و عنده , اللهم إنا داخلون عليك برسول الله و داخلون على رسول الله بك اللهم إنا داخلون على نبيك بفاطمته و عليه و حسنيه فلا يردنا يارب العالمين و لا تردنا و تصدنا , اللهم و إنا داخلون على آل البيت بالصالحين بعبد القادر صاحب سر القادر و بعبد السلام صاحب دار السلام و بآل الله أجمعين يارب العالمين فلا تردنا و لا تصدنا و داخلون عليك بانكسار قلوبنا نعلم أن ليس لنا منزلة فأتيناك بمن عنده عندك منزلة و ليس لنا مرتبة و لا مكانة فأتيناك بمن عندهم عندك مرتبة و مكانة , و نوقن أن هذا الكلام ما كان ليكون لولا تجليهم علينا و دنوهم منا و إلينا , اللهم فبحقهم عليك و بسر نجواهم لديك و بمقامهم القريب اليك و بمقام حبهم بين يديك إلا رحمتنا و عطفت علينا فأنطقتنا بالبيان المعجز الذي يكون منك لك , و جعلتنا منك لك و أهديتنا منك إليك, سبحانك لبيك و سعديك , لا إلاه إلا الله محمد رسول الله , قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما , إن معي ربي سيهدين و الحمد لله رب العالمين .