غداً سيكون عيد مولد إنسان... لا أدري ماذا أسمّيه هذا الإنسان... هل أستعير وصف لجبران خليل جبران وأقول : ابن الإنسان؟ ومَن هو الإنسان؟ قد نكون نسينا أن نتساءل مَن هو الإنسان واعتبرناه بديهةّ من البديهيّات في الحياة... ولكن لا... الإنسان هو هذه المعادلة الصّعبة في الوجود خاصّة لنا نحن النّاس أو البشر... طالما أنّنا لا نتعامل إلّا بالإنسان على الأرض كوكبنا هذا ومع الإنسان. لكن نعود لنسأل مَن هو الانسان بعيداً عن روتيناً ألفناه وعادةً بالخَلْق عشناها! ومَن هو هذا الإنسان الذي سأتحدّث عنه...ومن أنا منه؟ سأبدأ وأعرّف عن حالي بأنّي أنا إنسان... كائن ولد على هيئة وبكينونة من أبناء الإنسان.... ولكن هل أدركتُ ذلك أنا؟ هل علمتُ ذلك أنا؟ ربّما تتفاجؤون لو قلتُ لكم لا... لم أدرك نفسي إلّا كائناً اسمه الإنسان من فصيلة الأنس مثلاً لا الجنّ أو الجان... كائن كأيّ كيان... ربّما أقف أحياناً عند ما علّمونا السّادة العلماء في نظريّاتهم من أنّ الإنسان من فصيلة الحيوان... تطوّر وتدرّج بالشّكل حسب البيئة والظروف والمكان... وغير ذلك لا أكثر...! ربّما وضعوا له نظاماً معيّناً ليميّزوه عن غيره من بني الجماد أو النبات أو الحيوان.... وكثيراً ما تأوّلوا فيه بما يفكّر وما الأنسب له من طعام وبناء وحياة وبنيان.... فوضعوا القوانين وشكّلوا المجتمعات ونسوا حقيقةً جوهر الإنسان... ولم يميّزوا بين مَن هو الإنسان وما هو الإنسان... وبين مَن وما عاقل وغير عاقل! تارةً وجدتُ نفسي حشرة أو دودةً تدبّ على الأرض حسب ما ورد في اكتشافاتهم لبعضهم من بنيّهم.. وكثيراً ما أحسستُ أنّي بلا طعم ولا لون ولا رائحة كآلة من آلات العلم ابتدعها رجالات علمهم، وغالباً ما أحسستُ أنّي كائناً هلاميّاً أو عدمياً عند من يدّعون المعرفة باسم الفلسفة أو مخلوقاً هلك من تأويلات المفسّرين من رجال الدّين للتوراة والإنجيل أو القرآن... ولكي لا أطيل عليكم كثيراً ولأجيب لكم مَن أنا ومن هو هذا الإنسان وما تصوّرته وما سألته وما وصلتُ إليه ورأيته أقول: أنا ابن السؤال... لم أرضَ أن آخذ ولم أصدق كلّ ما سمعت ورأيت من كائنٍ كان... كان يشغلني مَن خلق هذا الإنسان... كيف تكوّن هذا الإنسان... وكيف به ما به من آيات سحر وبيان تزيدني تساؤلاً أكثر وأكثر... ولا أصدّق ما أرى وما أسمع إلا كحكايا أو أساطير آخذ منها متع القصّة وأعيد سردها بتساؤلي من جديد... وأصل إلى تصوّر ما... يريحني بطريقة ما حين أعيده وأحلّله بيني وبين نفسي أنا الإنسان ابن الإنسان... وهكذا طالت الحكاية سنوات وسنوات وصلت لعقود وقطعت جزر وقارات ووصلتُ شطآن... وأنا أتابع النّظر وأسأل حتى أحسست أنّي تحوّلت حقّاً من إنسان لسؤال... فما عدتُ أنا أنا... مسكتُ قلمي أكتب بدل أن أبقى أسأل وأنظر... وكان في قلمي حبر سؤال... وهكذا لكي لا أطيل لكم الحكاية التي تقول: في لحظةٍ ما... في يومٍ ما قرّر أن يظهر شيء غريب... شدّني جدّاً ولكنّي في البداية أخذته كما آخذ كل الأشياء وأحوّلها من جديد لسؤال.... لكن هذه المرّة كان الموضوع جداًّ مختلفاً... لقد حيّرني هذا الكائن وغدا يجيبني على كل ما سطّرته من أسئلة على مدى الحقب والأزمان.... انشدّت أسئلتي... غارت.... غاصت، فإذ هي تصول وتجول بي وتمور بألف بل بمليار جواب... بل على عدد الأسئلة التي سألتها واللحظات التي عشتها والدهشة التي اندهشتها وهي بعدد المنامات والأنفاس للإنسان.... إنّ هذا الإنسان كان مختلفاً تماماً غيّر لي مفهوم الإنسان... شرح كلّ شيء بما فيه نفسه.. نفس الإنسان... وضع حدّاً لأسئلتي التي لا تنتهي وغدت بلا عنوان.... عنوَنَها.... صنّفها... بيّنها... برهنها.....وإذ به ابن الجواب من الإنسان... المخلّص لي من أسئلتي والجارف بها إلى ممالك العلم والروح والريحان وما فوق الإنسان وما تحت الأرض وما تحويه الأجواف والأكوان... إنه الدكتور مازن الشريف الإنسان الحقّ ابن الإنسان... نِطْقُ الربّ في الإنسان... البيان والبرهان... الأمان والمكافأة لكل مجتهد من بني الإنسان... إنّه ذلك الفيلسوف لمن يريد فلسفة.... والأسطوري لمن يكون أسطورة والكاتب لمن يودّ أدباً والعبقري لمن يعاني جهلاً والعالم لمن لا يقنعه إلّا علماً... إنّه رافع شأن الإنسان ومحدّث بارع عن كلّ ما يمكن أن يتساءله إنسان... إنه معجزة الله في الإنسان... غداً عيد ميلاده... ميلاد كل جواب لكل إنسان... ميلاد المحبّة لكل إنسان.. ميلاد الإبداع لكلّ عنوان.. أنا هنا لا أكتب بمنطق شيء... إلا بمنطق تعريف من هو الإنسان إنّ الدكتور مازن بحقّ هذا العظيم من الإنسان الذي يعرّفنا عن حالنا من الإنسان... ولن أقول أكثر من ذلك.... فتلك شؤون أخرى لا وارد لها هنا... يكفيه هنا والآن أنّه كان معرفتي بنفسي و بالإنسان... ولم أتخيّل العالم الضّائع الآن من دونه هذا الإنسان كل عام وإنساننا الغالي بألف خير كل عام وهو مولود عيدنا من الجهل للعلَم ومن الظلمات للنور