في هذه المدرسة الخضرية « المدرسة المازنية الآن »

بواسطة رجاء شعبان
5 مايو، 2024

"من مريد عارف ومهتمّة باحثة في المدرسة الخضرية" 
عن الولي نتكلّم....

" لا تخلو الأرض من وارثٍ محمّدي حيّ بين الناس يذكّر بأمر الله، ينهى عن نواهيه، ويدعو إلى ما يسرّ النّاس في نظرٍ إلى وجه الله وما يسرُّ الله في نظر إلى وجوه مخلوقيه تحت بند الحديث الذي رواه البيهقي؛ يحبّبون عباد الله إلى الله، ويحبّبون الله إلى عباده" - المعلم الشيخ: مازن الشريف

سلّم عليها بعد أن اعتذرت على ما بدر منها من كلام متناقض لا يبدو متماسكاً أحياناً،
فقال ذلك المتّزن الذي كانت تهابه وتهاب الحديث معه:
مساء النور..
نعم هو كذلك
والإنسان لا يندم على أي خطوة خاطئة في هذه المدرسة الخضرية لأن بالتجارب نتعلم...
والمحظوظ مَن تلقّى الصواب وعرف الحكمة من معلم هذه المدرسة مباشرة...
فإن كنّا نعتقد أنّنا لانخطىء أو يجب أن لا نخطئ، فهذا يعني بالضرورة لسنا بحاجة للانتساب لهذه المدرسة.

ردّت:
حقاً ذلك... الخضر يعطيك من معاني علمه
والمزن يسقيك من صفي مزنه..
بوركت وتباركت... وارتفعتَ وعلوت وسموت....
وشكراً لمعرفتي بِوليّ جميل جديد في هذا العصر الجديد.

أشار لها مندهشاً!
فتابعت: ألم تعجبك كلماتي؟ أليست مفهومة؟
قال: لا... ليس هكذا! ولكن شعرت بكلمة ولي، أنا المقصود إن لم أخطئ الفهم؟!

قالت: نعم!  لماذا تستغرب؟
أجاب: هذا ظنّك الحسن!

فكتبت: الأولياء كُثُر يا سيّد ... على قلّتهم لكنّهم كثر.
لا يخلو مكان ولا زاوية من إمام أو ولي.

مستنكراً ردّ: أي ولي...؟! إن شاء الله أكون إنساناً جيداً نوعا ما!
تابعت: وإلا كانت خربت الدنيا.

استرسل بلطف: أعلم!
لكنّي لست ذلك...! أتّتبّع الصالحين فقط.

أضافت: الولي له معان كثيرة وليست صفة مستحيلة،
كلٌّ يرى بمنظاره، وأنا أرى بمنظاري!
رأيتُ وعاينتُ ردّات فعلك وحكمتك في الحياة، وماشاء الله عليك!
ولي جميل!!
لا تستغرب... ربّما أنت متواضع ولا تحبّ أن ترى نفسك ذلك.

ردّ بلطف: أعتبرها صفة منك خاصة بمفهومك
... ولي جميل...

ابتسمت تخطّ: لكن مَن يبتعد عنّا قليلاً يرانا بالصورة الكاملة أكثر ممّا نرى أنفسنا!
خاصّة بمفهومي... لكن مفهومي منطقي كذلك وواقعي!

على الأغلب ابتسم دون أن تراه، متابعاً:
جميل أن يكون الإنسان جميلاً في أعين الآخرين. وأن يكون
جميل الكلام وجميل التعامل وجميل القلب وجميل المعاشرة وجميل الروح!

تابعت سطورها بتعجّب جميل استحضره الحديث: ماذا بقي إذاً من أن يكون ولياً؟ لا شيء!

الولي هو مَن تولّى شؤون رسول الله بمنهجه وجسّد صفاته بسلوكه، فكان قدوة حسنة للنبي ومِن النبي.
الصالح هو ولي.

تعتقد أنه انشرح صدره لهذا الكلام فقال:
نسعى لذلك وأن نتجمّل بجمال ماخلق الله من جمال المحسوسات والمكنونات.

ملئت سطرها بفرح هبط بها حروفاً مغنّية: والمصلح هو ولي!
والعابد بِحبّ ولي!
والمقاتل عن الدين الصّحّ ولي!

اعترف بحبّ: تعريف رائع!
وهي تتابع:
والمجاهد في سبيل الله ولي!

الولاية من تولية الأمور والاهتمام لها ورعايتها.
ولاية رسول الله وآل بيته.

ألستَ ياسيّد مع الشيخ مازن قلباً وقالباً؟
أليس الشيخ الدكتور استمرار لنهج النبي؟
ألستَ في المنهج الخضري؟
أليس إخلاصك عشقاً للنبيّ؟

مَن هو الذي يخلص للنبيّ وآل النبي؟ أليس الفاهم العارف المدرك لهم ولمعارفهم وحقوقهم والسالك بمنهجهم؟

أنت جدير بكلمة وليّ... بك من المهابة والصدق والاجتهاد وحسن الخلق والتواضع والتعقّل مايكفي.

بالنهاية نحن بشر... لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها.. وحين تجتهد هذه النفس وترقى وترتقي فهي على مدرج الأنبياء سالكة... صالحة مصلحة.وليّة تقيّة، زكيّة عرفت ربّها واتّبعت سبله.

صدّقْ مَن يحبّ الدكتور مازن يحبّه النّبي..
ومَن يكون بعين الدكتور مازن فهو بِعين النبي
والنبي هو رسول الربّ العليّ.
الله جلّ جلاله وارتفع بالرؤية عمّن سواه... فهو في عليائه من دون تكبّر على الخلق في سموّ علاه.

الله هو المتكبّر فقط على الكفرة الجاحدين المعاندين،
لكنّه رفيق كل بسيط وملجأ كل ملتجئ.

الله يا سيّد لا يطالبنا بالإعجاز، ويرانا جميلين في بساطتنا وعبادتنا المُيّسّرة شرط أن نعرف حدودنا ونلزمها ولا نتعدّى حدود الله ورسوله.

لكنّه بالمقابل يعطي عطاءً جزيلاً لمن دخله بالحبّ بقلبه الصافي السليم...
فالله لا ينظر لعقولنا بل لقلوبنا.... هذا ما أضاء عليه المعلّم الشيخ مازن.
ولو أرادنا حقّاً من دون أخطاء كما ذكرتَ لي منذ قليل ماكان خلقنا كلّنا على هذه الأرض ومعنا الشّيطان.

لكنّها إرادة ذكيّة تعلو فوق كلّ إرادة وحكمة بالغة بمنتهى اللطف والرقّة ليكشف ابليس المعاند المدعي علماً ومعرفةً وقلبه خال من الحبّ.

آسفة... انقلبت لمحاضرة!

السيّد: لم يسعني إلا أن أنصت.
وكنت سأقولها لك.

المهتمّة الشغوفة:
هي فقط تأكيد لفكرة جميلة بأنك ولي جميل وجليل!
أضفنا لها جليل.

السيد الشيخ: كلامك ذرر

تابعت الفتاة:
شكراً للعزيز ويشرفني هذا الكلام ممن رأيته وليّاً لأنّه بحق هكذا، ويؤيّد كلامي ما ورد على لسان شيخنا الكبير والمعلم الأعظم الدكتور مازن بآخر محاضرة بحديث الفتح المحمدي حين قال: لا يخلو زمانٌ من وارث محمّدي وارث حارث.

ولن أطيل ولكن في سفري الأخير إلى الضيعة زرت مقامات الأولياء التي تعجّ بالأنوار وشحذتُ منها قبساً، وكذلك رأيتُ في عيون البسطاء الكادحين أولياء مخفيّة كلّمتني حين تواجهت عيوني بعيونهم وكادت تسقط دمعتي على مصير هؤلاء البسطاء، فكان شيخاً ضميراً يتكلم في مخيلتي يساعدني على الفهم ويسرد معي، وسأريك ما كان يحادثني بيني وبين حالي وأحوالي وقد ذكرتك بالحديث، فأرجو أن تستمتع بما كتبت:

- كانت تتجول في الضيعة وتسلم على أهلها من أبناء القرية وقد كبرت بهم السنين وتركت آثارها عليهم فكبروا وتغيرت ملامحهم وملامحها كذلك حتى لتكاد لا تعرفهم ولا يعرفونها، لكن تبقى العيون شاهدة على هوّيتنا ومن نكون، الدليل حين تغيب ملامحنا كلها وتتغيّر، كما تغني فيروز. "عنينا هنّي أسامينا" ... نعم أعيننا  هي أسماؤنا وأسماؤنا هي مَن تبقّى من ذكرى لنا، تهدي إلى عنواننا.
رأت الرجال العظماء وقد نحلوا وغدوا عظاماً وهياكل في الأرض تعمل وقد اندغمت مع تراب الأرض وصخورها، بل لتكاد صخورها ونباتها يتجدد أكثر منهم، وهم يهرمون... هو الإنسان هكذا رحلته مؤقّتة، وتغيّراته دائمة، لأن مصير رحلته مؤقّت، فهو الضيف على هذه الأرض والأرض الدائمة تورث حالها لأبناء وأجيال من بني البشر....
المهمّ شعرت أنَّ شيئاً تحرّك بداخلها بعدما كان ميتاَ، وهو حبّها للكبار من العمر، وللناس والأرض والطبيعة والجبل ولكل تنفّس صباح ونهوض فجر... لكل ذرة تراب وإطلالة صخر وانزواء رعش وتعثر درب حجر.... تحبّ كلّ شيء وقد نهض ذاك الكائن النائم الغافي مع أمّها والراحل معها ينام في قبر لا تدري إن كان مطمئناً...!
ذهبت ورأت ما رأت وسلّمت على مَن سلّمت وتأمّلت من جديد تغيّرات الزمن حبيبها، وغاصت في العيون إلى ماخلف تجاعيد الوجه وقسماتها الهالكة، إلى أرواح كائنة قويّة تسكنها، وقد شعرت بالحزن العميق على أحوال الناس الذين ينتهون إلى أمراض دائمة وأوجاع مبرحة يطلبون الموت منها وقد نسووا تلك الأرض الطيبة التي عملوا بها وسكنوا في خلجاتها يهبونها من خلجاتهم ويؤجّرونها من أعمارهم ليرقدوا قليلاً في جو من السكينة والاطمئنان... والآن الآن لن تستسلم لشعور التمايز والمقارنة في عقلها فيما كانوا وما آلوا إليه الآن، فهم الأقوياء الراكضون في الحقول صغاراً والمغرّدون شباباً وقد سعوا وتزوّجوا وأنبتوا أولاداً مثلها وأورثوا مما عندهم لأرض لا تُوَرَّث لكنها في النهاية ورثتهم عاشوا فيها ومنها ولها عائدون وهبها لهم الخالق... نعم وهبها الخالق لهم... لهم وليس لأحد غيرهم فتملّكوها مع أن الملك لله وعاشوا فيها ولها وأخذوا وأعطوا وفرحوا وبكوا وذهبوا وغدوا وناموا وقاموا وحفروا القبور وتغنّوا بالمواليد الجدد وهكذا إلى مايشاء الله من نعم وبركات أو إيقاف للزمن حسبما شاء وانقطاع سبل ما اعتدنا عليه وقد تغيّرت أشياء كثيرة وكأننا أصبحنا في زمن آخر... ولكنه زمن ضروري لكي يخرجوا هؤلاء البسطاء شيئاً فشيئاً من أراضيهم وحياتهم دون أن يتحسّروا وقد رهّبهم الله منها كما رغّبهم فيها من قبل ليعيشوا ويعمّروا ويبنوا... ثم لابد من انقضاء رحلة وتسكير باب لتأتي أجيال أخرى بأبنية جديدة وأبواب متطورة أكثر، تواكب تطور الأطوار وتغيّرها... لكن هؤلاء الناس أغلبهم لا يقرأ ولا يكتب.. لكنهم مسالمون وتشعر معهم كما لم تشعر بين أناس العلم والشهادات والجامعات أحياناَ..

وهكذا حين دار الحديث بينها وبين صديقها الذي تجد فيها الفقه ودفء أهلها البسطاء مع أنه من عمرها تقريباً أو أكبر بقليل.... ووصفته بالولي اندهش واستنكر واستغرب ذلك ولكنها كيف تقول له أنها ترى أولياء كثر عاشوا على البساطة والسليقة والفطرة لكنّهم كانوا بحقّ أولياء ذوي حلم وحنكة وحكمة ودفء وألفة ومودّة... وحين تزورهم وتراهم تستمد منهم ومن أحاديثهم ونظرات عيونهم قصص الإيمان العظيمة وتستنتج من قصصهم الأليمة أنّهم رسل حياتهم، أدّوا أماناتهم بكل ثقة واقتدار... فكيف هو المتعلّم والمدرك والفاهم والحليم والدافئ لا يكون ولياً؟ إنّه ولي وهذا الحديث الجميل الذي دار بينها وبينه تلقائياً دون اصطناع وقصد كهذه الفقرة...يؤكد أنّه وليّ مثلهم وهم أولياء بعملهم وبساطتهم وكدحهم في الحياة.

منشورات ذات صلة

من أدب وكتابات المعلّم

ماذا أضاف الدكتور مازن الشريف للأدب؟ هل رَوْحَن الأدب.. كيف نرى ونقيّم…

بواسطة رجاء شعبان
5 يونيو، 2024
هل الدكتور مازن الشريف رجل خارق

قراءة في الإنسان الخارق، دراسة كمثال في أحد مشاهد رواية المعلم والتنين…

بواسطة رجاء شعبان
31 مايو، 2024
نساء طيّبات وصحابيّات ارتقينَ لمراقي الحبّ والقرب

« أم أيمن أمّي بعد أمي » - صلى الله عليه وآله…

بواسطة رجاء شعبان
30 أبريل، 2024
الإنسان

غداً سيكون عيد مولد إنسان

بواسطة رجاء شعبان
25 يناير، 2024
مشروع أطروحة : المادية بين الواقع والشخصية من البرهان الى الحقيقة

عنوان الاطروحة : المادية بين الواقع و الشخصية من البرهان الى الحقيقة… شاهد المزيد

2 يونيو، 2023
فريق في الجنة وفريق في السعير

دأب الصالحون من أنبياء وأولياء على حفظ وتوارث السر الإلهي فيهم وانشغلوا… شاهد المزيد

بواسطة محمود حكم
5 أبريل، 2023