في قرية مخفية من قرى المرج الأصفر التي ينادى فيها البان، في منتصف القرن السابع عشر من تقويم الحضارة الأخيرة، جلس المعلم مع تلاميذه.
نظر إليه أمهرهم وأحبهم بلهفة وسأله:
ما الفرق بين الفنون الدفاعية والقتالية يا معلمي؟
الدفاعية دفاع عن النفس، والقتالية للحرب.
وماذا تسمى فنوننا نحن؟
فنون الظلام، لكن نحن نخدم بها النور، من أثر المعلمين القدامى.
كيف يخدم الظلام النور؟
لأن الظلام يفهم الظلام، فيغلبه، ولكن شرط أن يكون الظلام تقمصا فقط، مجرد قشرة للتقمص، أما الحقيقة والجوهر فهي للنور بلا ريب.
أما إن أردت أن نخفف الكلمة، فأقول لك نحن نمثل فنون الظل، وهي فرع من فنون الطيف، وكل ذلك فرع من فن قديم جدا كان يتقنه معلم واحد اسمه فودجا، النمر التنين، صاحب القناع والتخفي والمهمات السرية والدقيقة، إنه جد مقاتلي الننجا، ولم يكن أحد أقوى منه إلا المعلم الكبير تايبنغ، والمعلم التنين لونغ الأكبر، وربما بلغ الامبراطور كي تونغ قوة شبيهة بقوته.
ومن أين أتت فنون الدفاع يا معلم؟
من عالم الروح، بث من إله الشينوبي، القوي الذي زرع تلك القوة في أسياد الحرب العلويين، وهم أودعوها في التنانين، وتم دمجها مع أرواح الكائنات كلها، النورانية والنارية والمادية وكائنات الماء، وفي كل أمم الحيوان على مراتب، ولدى السفليين على نماذج، وفي الحيوانات النبيلة، النمر والنسر والكوبرا والفهد واللقلق وغيرها كممثل لمقامات تلك الأشكال التي تتشكل بها الأرواح العليا.
فهي على مقامات التنانين وعلى نوعيات الطاقات وعلى تفعيلات وتسارعات ونمذجات حركية تجعلها على ما هي عليه وعلى ما ستكون.
وما كان في البداية أقوى وما يكون في النهاية أعقد.
وكيف بلغتنا نحن البشر يا سيدي؟
هي في البشري الأول جزء من روحه وخلقه ونسيج حركة طينته وإمكانات جسمه وعقله وما فوق ذلك.
ثم كان النسيان، وتناقصت القوى، وحُجبت العلوم والختمات والقدرات، ونسي البشر عالم التنانين.
حتى ظهر المعلم الكبير تايبنغ، بعد الطوفان بأجيال قليلة، وتلقاها من التنين الأبيض، وبلغ السلام الداخلي التام الذي أهله لاسمه الذي يعني ذلك.
فعلمها لسبعة تلاميذ سماهم البشر بعدهم بالتنانين السبعة، والحقيقة أن كل واحد منهم تشكل كمعلمه تنينا، وكان له تنين يقارنه من العالم الموازي لهذا العالم.
فانقسم الفن الأكبر الأول إلى فنون سبعة كبرى.
ثم إن كل تلميذ علم لتلاميذه وقسم بينهم، فولد سبعون فنا.
فنون تعتمد قوة التراب قاتل بها لونغ، ومعنى اسمه التنين.
وقنون تعتمد قوة النار قاتل بها فودجا، ويعني اسمه النمر.
ثم دمجا بين النار والتراب لتكوين فنون أقوى تعتمد القوة والفتك والتدمير: فن التنين الأحمر وفن التنين الذهبي.
وفنون تعتمد قوة الماء قاتل بها تشي، ويعني اسمه طاقة الحياة.
وفنون تعتمد قوة الهواء قاتل بها تشو، ويعني اسمه الفن.
ومنها كانت فنون تعتمد الليونة والسرعة. فنون التنين الأزرق والتنين الوردي، وانحدر منها فن الأفعى وفن اللقلق والنسر التي علموها في معابد شاولين.
ومنه ما أتقنه الجنرال يوفاي مجدد فن النسر.
ثم تعلم ين ويانغ فنون الطاقات الباطنية السالبة والموجبة، وتحكما في المغناطيس والذبذبة والشعاع، حتى صار اسماهما رمزا لثقافة الطاو وفنون وودنغ، ثم فنون تأملية كاليوغا وفنون التيبت.
فكان منهما فن التنين البنفسجي والتنين الزهري، وفنون تعتمد التخاطر والتحكم الروحاني وفنون الجنجتسو التي أتقنها المعلم الكبير بودي دارما.
أما ونغ تشون ففنها مزيج من كل ما سبق.
إن معلمين كبارا ومقاتلي عظماء خرجوا من رحم هذه الفنون، لكن نسيانهم للأصل الأول جعل قوتهم محدودة في جانب أو جانبين، أعني الجسم وشيء من الطاقة الحيوية.
وهكذا بمرور العصور كثرت المدارس، ثم نسي الناس فنون الختمات والفنون الروحية وركزوا على الجسدية منها.
وبقيت فنون الطاقة والتنفس بين نسيان وتذكر.
وتطورت فنون الاسلحة بتطور الاسلحة، وفقدت السيوف وهجها وطاقاتها التي حملتها حين اتحد البشر بالتنانين، وبقيت قواها المعدنية في البتر والقطع والقتل.
ثم كان هنالك من تامل الحيوان وطور، وهنالك من تعلم أكثر من فن فدمج وانتج فنا جديدا.
لكن بمرور الحقب نسيت الفنون الاولى، وإن بقي من الفنون الداخلية والخارجية الكثير، إلا أنه يندر أن يتذكرها معلم، وحين يحصل ذلك، تكون نقلة في عالم الفنون الدفاعية.
وأقول لك بعد ما رأيته في كهف المعلم تايبنغ، لا أحد أنشأ شيئا، وحده القدير جعل وعلم، ومنح الهامات من كائنات تشرف على فنون الدفاع، نسمي ما التقى البشر بها منها بالتنانين، ونجهل ما فوق ذلك رسما وإن علمنا بعضه اسما.
كان “شينوبي” يحدث تلاميذه، ننجا صغار يتوقون للفهم، وكان تلميذه الاقرب والاحب الشاب “ياموتو” يكثر من الأسئلة.
رأى في عينيه الاصرار فقرر تعليمه فن الختمات.
إنها ختمات قليلة، لقد ضاع ذلك العلم.
يقال أن ذئب الريح استطاع تحريك العناصر والتحكم بها وفتح البوابات به، وكذلك فعل تايبنغ والتنانين السبعة، خاصة تشو ولونغ، لقد اتقناه بشكل كلي.